قوله : ثم لا يخفى ان هذا الخلاف لا يكاد يعقل جريانه فيما إذا كان ...
وقد سبق ان الغاية قد تكون قيدا للموضوع وقد تكون قيدا للمتعلق نحو (فاغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق) ونحو (أتموا الصيام إلى الليل) فالاول قيد الموضوع ، وهو (اليد) والثاني قيد المتعلق ، وهو (الصيام) وقد تكون قيدا للحكم نحو (يحرم الخمر إلى ان يضطرّ المكلف اليه) فالغاية فيه قيد للحكم وهو (الحرمة) دون المتعلق ، وهو (الشرب) ، ودون الموضوع وهو (الخمر) فالنزاع الثاني لا يجرى في الغاية التي تكون قيدا للحكم ، بل يجري فيما إذا كانت قيدا للموضوع أو المتعلق.
والسرّ في ذلك انه لا معنى لدخول الاضطرار في المغيّى الذي هو خمر في حال عدم الاضطرار إلى شربه إذا المغيّى يصير هكذا : (الخمر الذي كان حراما في حال عدم الاضطرار فهو حرام في حال الاضطرار) إذا قلنا بدخول الغاية في المغيّى بحسب الحكم ، وهذا خلاف صريح المنطوق ، فالغاية إذا كانت قيدا للحكم فهي خارجة عن المغيّى حكما كما انها خارجة عنه موضوعا في المثال المذكور ، أي مفهوما ومصداقا خارجة عنه قطعا ، فلا تغفل عن خروجها عنه على هذا الوجه المذكور ، إذ المغيّى هو الحكم ، إذا كانت الغاية قيدا له ، ولا يعقل دخول الغاية في الحكم ، فلا يعقل دخول الاضطرار في الحرمة في الحديث الشريف المذكور ، كما لا يخفى.
وقد بقى في المقام استدلال من قال بالدخول إذا كانت قيدا للموضوع أو المتعلق ، واستدل عليه بان أدوات الغاية ك (الى وأخواتها من أدواتها) قد تدخل على الحد الذي من المعلوم خروجه عن المحدود ، نحو (ثم أتموا الصيام إلى الليل) فالليل حد وجوب الصيام والاداة داخلة عليه ، وقد تداخل على المحدود به نحو (أكلت السمكة حتى رأسها) فالأكل محدود والسمكة بجميع اعضائها محدود بها ، إذ قد يراد بالغاية ما به ينتهي الشيء ، كما قد يراد بها ما عنده ينتهي الشيء ، وما عنده ينتهي الشيء حد الشيء. فالاول داخل والثاني خارج بلا كلام ، فلا بد في اثبات