وثانيا : اجاب المصنّف عن عدم الاطراد وعن عدم الانعكاس بان هذه التعاريف لفظية لا يشترط فيها الاطراد ولا الانعكاس فلا موقع لهذا الاشكال كما لا يخفى.
واستدل المصنّف رضى الله عنه على كونها لفظية بوجهين :
الأول : ان المعنى المذكور في أذهان اهل اللسان من لفظ العام ، وهو الشمول لغة وعرفا ، أوضح مما عرّف به من التعاريف المذكورة مضمونا ومصداقا ، فلو كان حقيقيا للزم ان يكون اجلى من المعرّف والأمر هنا بالعكس كما علم.
الثاني : الاحاطة بحقيقة الأشياء مختص بعلّام الغيوب جلّ ذكره ، وكذا الاطلاع بخواصها بحيث تمتاز عما عداها مختص به ايضا ، فلا يمكن للبشر تعريف الاشياء لا بحدها ولا برسمها.
قال المصنّف قدسسره لأجل كون معنى لفظ العام اوضح من التعاريف بجعل صدق ذلك المعنى على الشيء وعدم صدقه على شيء آخر مقياسا في اشكال عدم الطرد وعدم الانعكاس.
فان قيل : إذا كان مدلول العام واضحا بحسب ارتكاز الاذهان فلا يحتاج إلى التعريف اصلا فلم تعرض الاصوليون تعريفه؟
قلنا : الظاهر ان افراد العام ليست محتاجة إلى التميز كي يقصد من تعريف العام تميزها ، فيكون تعريفه رسما ، ولا حقيقة الافراد من حيث هي موضوعة للحكم كي يقصد من تعريف العام بيانها ويكون تعريفه حدا. وانما المقصود من تعريفه بيان مفهوم يشار به إلى الافراد التي هي موضوع الأحكام في مثل قولهم (إذا خصص العام فهل يكون حجة في الباقي أم لا؟) أو (ان العام المخصص بالمخصص المجمل هل يصير مجملا أم لا؟) و ...
ويكفي في هذا المقدار تعريف العام لفظيا لامكان الاشارة به إلى تلك الافراد التي هي موضوع الأحكام ، نحو (اكرم العلماء واطعم الفقراء) فافراد العلماء والفقراء موضوعات الحكم ، وهو وجوب الاكرام والاطعام ، وليس الغرض من تعريفه بيان