في المقام من تمهيد مقدمة وهي :
انا إذا سمعنا لفظ (السعدانة) مثلا نسأل بمقتضى الطبيعة الانسانية أوّلا ب (ما) الشارحة فيجاب هي نبت ثم يستعلم ب (هل) البسيطة عن وجوده ، فيقال هل هي موجودة فيجاب بالاثبات ، ثم يستكشف ب (ما) الحقيقية عن تمام ماهية الشيء. فاذن لا بد ان يقع الحد التام في الجواب. فيجاب : هي نبت مسهل للصفراء.
ثم يسأل ب (هل) المركبة عن أوصاف الشيء وعناوينه فيقال : (هل هي حارة مرّة) مثلا ، فاذا تمهد هذا. فيقال لا يعتبر في اللفظية منها ان لا تكون اخفى ولا أعم ، ولا يعتبر فيها الاطلاع على كنه المعرف بأنه نبت ، أي ليست بكتاب ولا أرض مثلا.
بخلاف الحقيقي منها فانه يعتبر فيه ان يكون أجلى من المعرف ومساويا له في الصدق ، ويعتبر فيه الاطلاع على حقيقة المعرف بتمامها ان كان حدا تاما وهو مركب من الجنس القريب والفصل القريب ، كتعريف الانسان بالحيوان الناطق ، أو امتيازه عما عداه ان كان حدا ناقصا كتعريف الانسان بالناطق وحده ، أو رسما تاما كتعريفه بالحيوان الضاحك ، أو رسما ناقصا كتعريفه بالضاحك وحده ، ويعتبر فيه الطرد والانعكاس.
ثم بقي في المقام وجه تسمية عدم مانعية الأغيار بعدم الاطراد ، وهو يشترط في الحد ان يكون مساويا للمحدود في الصدق ، بحيث كلما صدق عليه المحدود صدق عليه الحد. اما إذا لم يكن مساويا له فيه فلا يطرده ، لأن الحد يصدق على شيء ولا يصدق المحدود عليه ، كتعريف الانسان بانه (جسم قابل للابعاد الثلاثة) لصدق الحد على الاشجار والجماد.
واما وجه تسمية عدم جامعية الافراد بعدم الانعكاس فلأن عكس قضية (كلما صدق عليه المحدود صدق عليه الحد) قضية (كلما صدق عليه الحد صدق عليه المحدود) فلو لم يصدق الحد على ما صدق عليه المحدود لما كان الحد جامعا لافراد المعرف ، ولما انعكس الحد.