واستيعاب السلب لخصوص ما أريد منها يقينا ، وهو بعض الافراد ، لا ينافي كون دلالة النكرة على العموم عقلية ، أي العقل السليم حاكم بان انعدام الطبيعة انما يكون بانعدام جميع افرادها في الخارج. فان الدلالة المذكورة انما تكون بالاضافة ، أي افراد ما يراد من النكرة ، لا الافراد التي تصلح من حيث الانطباق عليها ، كما لا ينافي دلالة مثل لفظ (كل) على العموم وضعا كون عموم لفظ (كل) بحسب ما يراد من مدخوله ، ولذا لم يتوهم احد ان كلمة (كل) لو اضيفت إلى ماهية مقيدة نحو (اكرم كل رجل عالم) اقتضت عموم الحكم لجميع افراد الرجل حتى ما ليس بعالم ، بل يقتضي عموم الحكم لافراد العالم لا غير ، وكذا ما نحن فيه ، إذ الفرق واضح ايضا بين قولنا (لا تضرب رجلا) و (لا تضرب رجلا هاشميا) وكذا الفرق واضح بين قولنا (اكرم كل رجل) و (اكرم كل رجل عالم) ، ولأجل كون دلالة لفظ (كل) على العموم بحسب ما يراد من مدخوله لا ينافي العموم تقييد المدخول بقيود كثيرة ، نحو (اكرم كل رجل عالم هاشمي نجفي) مثلا.
وعلى طبيعة الحال لا فرق بين اطلاق المدخول وتقييده في معنى العموم ، لأن المراد من العموم عموم ما يراد من المدخول ، وهو يختلف سعة وضيقا بحسب الاطلاق والتقييد بقيد أو بقيدين أو بقيود ، كما لا يخفى.
نعم ، تفترق كلمة ، (كل) عن أداة النفي والنهي بان الاداة مع اهمال مدخولها يكون النفي والنهي مهملين من حيث العموم والخصوص ، وذلك نحو (لا تكرم فاسقا) ونحو (لا املك شيئا) إذا لم يكن المتكلم في مقام بيان جميع الافراد ، أي افراد الفاسق أو بعض افراده كالبخلاء منهم مثلا ، وكذا الكلام في ناحية الشيء ، بل يكون في مقام بيان خساسة عنوان الفسق ، وفي مقام اظهار عدم ملكية شيء من دون ان يكون متعرضا لجميع مصاديق الشيء أو بعض مصاديقه ، وكلمة (كل) مع اهمال مدخولها ومع عدم اقترانه بما يقتضي تقييده أو اطلاقه رافعة لاهماله وموجبة لاطلاقه. كما ان الفرق بين لفظ (كل) وأداة النفي أو النهي من ناحية اخرى وهو ان