لفظ (كل) يدل على العموم بالوضع وهي تدل عليه بالعقل.
فيستفاد العموم بأمرين من النكرة الواقعة تلو النهي او النفي :
الأول : بسبب مقدمات الحكمة والاطلاق.
الثاني : بسبب وقوعها عقيب النفي أو النهي ، فاذا انتفى احدهما ، كأن تكون مبهمة مهملة ولم تكن مطلقة ، أو لم تقع تلوهما ، فلا تدل على العموم نحو (لا تكرم فاسقا) ونحو (لا املك شيئا) ، ونحو (رأيت رجلا) ، فاطلاق مدخول الاداة يحرز بمقدمات الحكمة ، فاذا لم تحرز المقدمات المذكورة فلم يحرز الاطلاق.
وهذا هو الحال في المحلّى باللام جمعا كان ، نحو (العلماء) أو مفردا نحو (العالم) ، بناء على القول بافادة المفرد المعرّف باللام عموما ، فان العموم المستفاد من المحلّى باللام هو عموم افراد ما يراد منه ، لا عموم جميع الافراد التي يصلح للانطباق عليها ، كما يشهد بهذا المطلب جواز تقييده بالوصف أو بغيره من الشرط نحو (اكرم العلماء إذا كانوا عادلين) او الاستثناء نحو (اكرم العلماء إلا الفسّاق منهم) فكلها يوجب التخصيص بلا منافاة لعمومه نحو (اكرم العلماء العدول أو العادلين) ، ونحو (اكرم العالم العادل) ، فان قيل التقييد بالوصف ، أي تقييد المحلّى باللام بالوصف ينافي العموم من جهة تسميته تخصيصا ، إذ التخصيص عبارة عن تضييق دائرة العموم في فرض ثبوته ، فيكون التخصيص منافيا للعموم.
قلنا : ان المراد من التخصيص بالوصف والشرط والاستثناء حدوث العام مخصّصا من أول الأمر ، نظير قول العرب (قبل احداث الركية (١) ضيّق فم الركية) ، أي أحدثه ضيّقا ، وليس المراد طروء التخصيص بعد العموم ليكون منافيا للعموم له. ولكن يستعمل للاستدراك الناشئ ، ومن الكلام السابق وهو يفيد المحلّى باللام العموم فيتوهم منه وضعه له ، ولذا قال المصنّف قدسسره لكن دلالة المحلّى باللام على
__________________
(١) الركية ك (عطية) وزنا وهي بئر ، والجمع المكسر منها ك (عطايا) وزنا منها أيضا.