وبيان هذا المطلب ، ان التخصيص اما متصل نحو (اكرم كل رجل عادل) مثلا. واما منفصل نحو (اكرم العلماء ولا تكرم النحاة منهم) مثلا ، واما في المتصل منه فلانا نذكر سابقا ان لفظ (كل) قد استعمل في المثال المذكور فيما هو الموضوع له ، وهو العموم لأن عمومه في كل مورد تابع للمضاف اليه والمدخول فاذا اريد من لفظ (كل) جميع افراد المدخول فاستعماله يكون على نحو الحقيقة فظهر عدم الفرق في كونه حقيقة بين (اكرم كل رجل). وبين (اكرم كل رجل عالم) ، وبين (اكرم كل رجل عادل) ، وان كان افراد المدخول في الأول اكثر ، وفي الثاني قليل ، وفي الثالث أقل ، إذ افراد الرجل العالم قليلة بالاضافة إلى افراد مطلق الرجل ، بل افراد العالم في نفسها قليل مع قطع النظر عن ملاحظتها بالاضافة إلى افراد الرجل. فانقدح ان تقييد المطلق لا يستلزم تجوزا فيه ، لأن التجوز يتوقف على احد أمرين :
الأول : ان يكون عنوان الاطلاق داخلا في معنى المطلق على نحو الشرطية ، حتى يستلزم التقييد الغاء قيد الاطلاق ، فيكون من باب اللفظ الموضوع للكل واستعمل في الجزء بعلاقة الكل والجزء ، وهذا غير مشروط بشيء ، كما اشترط الأمران في عكسه ، وهو اللفظ الموضوع للجزء واستعمل في الكل مجازا ، وذلك نحو لفظ الرقبة مثلا ، واما الأمران فقد مرّا في بحث الحقيقة والمجاز فلا حاجة إلى الاعادة وهذا خلاف التحقيق لأن اسماء الأجناس قد وضعت للطبيعة بما هي مبهمة مهملة لا بما هي مرسلة مطلقة.
الثاني : ان تكون الخصوصية داخلة فيما استعمل فيه اللفظ ، ويكون لفظ القيد قرينة على دخولها فيه ، وهذا خلاف التحقيق ايضا ، لأن لفظ المطلق ، كلفظ رجل قد استعمل في معناه الحقيقي من الطبيعة بما هي هي. والخصوصية كخصوص (الرجل العالم) قد استفيدت من لفظ القيد على نحو تعدد الدال والمدلول قد استعمل كل واحد من الدالين في معناهما الحقيقي ، فظهر انه لا تخصيص اصلا في المتصل ، إذ أدوات العموم قد استعملت في العموم ، وان كانت دائرة العموم تختلف سعة وضيقا