فظهر ان التمسك بالعام في الشبهة المصداقية جائز إذا كان المخصص لبيّا.
فان قيل : القطع بعدم ارادة العدو هنا كالقطع بعدم ارادته إذا كان المخصص لفظيا فاذا قال المولى (اكرم جيراني إلا العدو منهم) فلا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، فكذا لا يجوز التمسك به فيها إذا كان لبيّا.
قلنا : القطع بعدم ارادة العدو لا يوجب انقطاع حجّية العام إلا فيما قطع انه عدوه لا فيما شك فيه فيجب اكرام من شك في عداوته ويشهد بذاك المطلب صحة مؤاخذة المولى عبده إذا لم يكرم احد جيرانه لاحتمال عداوته للمولى ، وحسن عقوبته على مخالفته وعدم صحة الاعتذار من العبد بمجرد احتمال العداوة.
فهذه الامور الثلاثة المذكورة تدل على جواز التمسك بالعام في الفرد المشكوك إذا كان المخصص لبيّا وهذا ثاني الوجوه التي قد استدل المصنّف قدسسره بها على جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية على تقدير كون المخصص لبيا كما لا يخفى هذا على من راجع الطريقة المعروفة والسيرة المستمرة المألوفة بين العقلاء التي هي ملاك حجية اصالة الظهور عندهم.
وبالجملة : كان بناء العقلاء على حجية اصالة الظهور بالنسبة إلى الفرد المشتبه هاهنا ، أي إذا كان المخصص لبيّا بخلاف بنائهم في المخصص اللفظي ، أي ليس على حجيتها بالنسبة اليه ، وعلى أي حال فالفارق بين المقامين هو بناء العقلاء وسيرتهم. هذا ثالث الوجوه التي استدل المصنف قدسسره على جواز التمسك بالعام في الفرد المشكوك دخوله تحت الخاص إذا كان المخصص لبيّا ولعل بناء العقلاء على حجية العام بالاضافة اليه هنا يكون للوجه الذي اشرنا اليه سابقا من التفاوت بين اللبي واللفظي بالقاء حجتين في اللفظي المنفصل فيكون مقتضاهما بعد تحكيم الخاص على العام وبعد تقديمه عليه لاظهريته بالاضافة إلى العام عدم شمول العام للخاص الخارج من تحته يقينا أو احتمالا حكما من رأس وكأنّ العام غير عام فلا يشمل حكمه الخاص المتيقن الخروج أو محتمل الخروج ، بخلاف اللبي فان الحجة