الادلة التي اقيمت لعدم جواز العمل بالعام قبل الفحص ، ويظهر منه المدعى فيقال :
هل أصالة العموم حجة في الجملة ببناء العقلاء وسيرتهم ، أي بعد الفحص عن المخصص وبعد اليأس عنه حجة أم حجة متبعة مطلقا وان كانت قبل الفحص فلا خلاف بينهم في أصل حجّيتها في الجملة ، أي بعد الفحص واليأس منه ، اما هذه الاستدلالات فخارجة عن محل الكلام والنزاع فان المدعى لوجوب الفحص عنه يدعيه بعد البناء على ان أصالة العموم حجة من باب الظن النوعي لا الشخصي ، وانها حجة في حق المشافهين وغيرهم ، وان العام ليس من أطراف العلم الاجمالي.
ومن الواضح ان هذه الدعاوى لا ثبتها الأدلة المذكورة لأن المقصود من وجوب الفحص عن المخصص وعدم وجوبه يكون بعد الفراغ عن حجية اصالة العموم في الجملة ، أي بعد الفحص عنه من باب الظن النوعي للمشافه وغيره ما لم يعلم بتخصيصه تفصيلا ، ولم يكن العام من أطراف ما علم تخصيصه اجمالا فبعد هذه الامور الثلاثة المذكورة يقع البحث في أن أصالة العموم متبعة مطلقا حتى لا يجب الفحص ، أو متبعة بعد الفحص كي يجب الفحص ، قال المشهور بالثاني ، ولهذا حكموا بوجوبه وقال بعض بالأول ولا يحكم بوجوبه.
وفي ضوء هذا فلا مجال لغير واحد من الأدلة التي استدل بها على عدم جواز الاستدلال والتمسك بالعام لاثبات حكمه للفرد المشتبه أو للافراد المشكوكة خروجا قبل الفحص واليأس عن المخصص.
قال المصنّف قدسسره التحقيق في المقام هو التفصيل بين العمومات التي تكون في معرض التخصيص كعمومات الكتاب الكريم والسنة الشريفة (١) ، وبين العمومات
__________________
(١) حتى قيل انه لم يوجد عام في الكتاب الكريم والسنة الشريفة إلا وقد ورد عليه تخصيص منفصل عنه فإذن يكون للعمومات الواردة فيهما ظهور تصديقي كاشف عن المراد قبل الفحص عن مخصصاتها.