العملية ...
اما الكلام في نقطة الفرق بين الفحص هنا والفحص في موارد الاصول العملية فخلاصتها : ان الفحص في موارد الاصول اللفظية انما هو عن المانع والمزاحم لحجية الدليل مع ثبوت المقتضي لها ، وهو ظهوره في العموم ، حيث انه قد انعقد على فرض عدم المخصص في البين ولفرض عدم الاتيان بالقرينة المتصلة المانعة عن انعقاد ظهور العام في العموم ، وهي تزاحم حجّية العام في العموم لا ظهوره فيه فالمقتضي للعمل به موجود وهو الظهور والفحص انما هو لرفع احتمال وجود المانع عنه في الواقع.
وهذا بخلاف الفحص في الشبهات البدوية في موارد التمسك بالاصول العملية ، فانه لتتميم المقتضى اما بالاضافة إلى أصالة البراءة العقلية فواضح حيث ان العقل لا يستقل بقبح العقاب بدون بيان ما لم يقم العبد بما هو وظيفته من الفحص عن أحكام المولى المتوجه اليه لوضوح انه لا يجب على المولى ايصال الأحكام إلى المكلفين على نحو لا يخفى عليهم شيء منها ، بل وظيفته بيان الأحكام على النحور المتعارف بحيث إذا قاموا بالوظيفة ـ وهي الفحص ـ عن الأحكام فقد وصلوا اليها.
وعلى طبيعة الأمر لا يكون موضوعها محرزا قبل الفحص فان موضوعها عدم البيان فلا بد في جريانها من احرازه ومن المعلوم ان الموضوع قبل الفحص غير محرز لاحتمال وجود بيان في الواقع بحيث لو تفحصنا عنه لوجدناه ومع هذا الاحتمال كيف يكون موضوعها محرزا؟
فالنتيجة : ان عدم جريانها قبل الفحص عن البيان انما هو لعدم المقتضي لها ، والفحص انما هو لتتميمه واحراز موضوعها ، وهذا واضح لمن أمعن النظر. وكذا الحال في أصالة التخيير العقلي.
واما البراءة الشرعية والاستصحاب فأدلتهما ، وان كانت مطلقة غير مقيدة بالفحص ، إلا ان اطلاقها قد قيّد بحكم العقل والاجماع المحصل والمنقول بالفحص ،