داعي الانشاء شوقا نحو (يا مهدي عليهالسلام عجّل على ظهورك) وقد يكون استغاثة نحو (يا لزيد للمظلوم!).
فتحصل مما ذكر : ان الأدوات لو وضعت للخطاب الحقيقي لم تشمل الغائبين ، بل لا يمكن شمول الخطاب للحاضر في المجلس إذا كان غافلا عنه فضلا عن المعدومين ، وإذا وضعت للخطاب الانشائي فلا مانع من شموله للمعدومين والغائبين حيث ان مفادها حينئذ اظهار توجيه الكلام نحو مدخولها بداع من الدواعي ، ولكن بعد فرض المعدوم بمنزلة الموجود كما هو لازم القضية الحقيقية.
هذا ، والظاهر انها بحسب المتفاهم العرفي موضوعة للخطاب الانشائي ، إذ الغرض اظهار توجيه الكلام إلى مدخولها بداع من الدواعي ، كما يوقع المتكلم الخطاب حال كونه مخاطبا لمن يناديه حقيقة نحو (يا الله) عشر مرات حين الدعاء بمحضر المولى الحكيم جلّت عظمته ، فاذا وضعت الأدوات للخطاب الايقاعي الانشائي فلا يلزم حينئذ تخصيص تاليها نحو (المؤمنون) مثلا بالحاضرين لصحة استعمال مثل أدوات النداء بالنسبة إلى الموجود والمعدوم من دون لزوم المجاز ، لا في الأدوات ولا في مدخولها حين كون معنى الأدوات الخطاب الانشائي ، إذ تستعمل حينئذ في معناها الحقيقي ، كما لا يخفى.
نعم لا يبعد دعوى ظهور الخطابات الشفهية انصرافا ـ لا وضعا ـ في الخطاب الحقيقي ، لأن اكثر الوقت يكون الداعي خطابا مع المخاطب الحقيقي الموجود حين الخطاب ـ لا التنزيلي ـ إذا لم يكن مانع عنه بموجود ، ولم تكن قرينة على خلافه.
كما هو الحال في حروف الاستفهام ك (الهمزة وهل) الاستفهاميتين وحرف الترجي ك (لعلّ) وحرف التمني ك (ليت) وحروف التحضيض ك (هلا ولو لا ولو ما وإلّا وألّا) ، وحرف العرض ك (ألا) بالتخفيف (١) ، لأنها وضعت لانشاء الاستفهام
__________________
(١) والفرق بين التحضيض والعرض ان الأول طلب الفعل بازعاج وشدة نحو : (هلّا تأكل) مثلا ، والثاني طلب المتكلم الفعل عن المخاطب ببطء نحو (ألا تنزل بنا تصب خيرا).