لا ريب في عدم صحة خطاب المعدوم ، بل الغائب عن مجلس الخطاب والحاضر غير الملتفت ، كالنائم والمجنون والمغمى عليه والسكران ، بخطاب حقيقي وفي عدم امكانه في حق الاشخاص المذكورين ، إذ الخطاب الحقيقي هو توجيه الكلام نحو الغير لافهام المعنى الذي قصد منه ولذا اشتهر (ان الكلام انما يلقى للافادة والاستفادة) كما ان الفاظهم ليست بكلام لاشتراط كونه مقصودا بالافهام ، ومن المعلوم أن ذلك لا يتحقق إلا بالموجود ، بحيث يتوجه إلى الكلام ويلتفت اليه ، ومن عدم صحة خطاب المعدوم بخطاب حقيقي قد انقدح ان ما وضع للخطاب ، مثل أدوات النداء وضمائر المخاطب لو كانت موضوعة للخطاب الحقيقي لا الخطاب الانشائي لا وجب استعمال ما وضع للخطاب في الخطاب الحقيقي تخصيص ما يقع في تلوه وعقيبه بالحاضرين في مجلس الخطاب ، مثلا إذا قال المولى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا) ، (يا أَيُّهَا النَّاسُ) ... فهو مختص بالحاضرين. كما ان قضية ارادة العموم من ما وضع للخطاب لغير الحاضرين من المعدومين والغائبين استعمال ما وضع للخطاب في غير الخطاب الحقيقي من الخطاب الايقاعي الانشائي ، وهذا واضح.
وفي ضوء هذا ، فبناء على وضع أدوات النداء للخطاب الحقيقي وبناء على استعمال العام في الخاص مجازا يلزم أحد المجازين : اما في الأدوات إذا استعملت في الخطاب الانشائي وإما في العام إذا استعملت الادوات في الخطاب الحقيقي لاختصاص تاليها بالحاضرين حينئذ.
وأما بناء على مختار المصنّف قدسسره فلا يلزم المجاز أصلا ، إذ الظاهر ان أدوات النداء قد وضعت للخطاب الايقاعي الانشائي ، ولكن الدواعي مختلفة ، فلم يكن مثل أدوات النداء موضوعا للخطاب الحقيقي إذ الداعي قد يكون نداء حقيقيا نحو (يا زيد تعال إليّ) مثلا ، وقد يكون الداعي تأسفا وتحسرا وحزنا نحو (يا كوكبا ما كان أقصر عمره ، وكذا تكون كواكب الاسحار) فالمتكلم شبّه طفله الذي مات ب (كوكب) في الصفاء والنورانية ، والداعي هو اظهار التأسف والتحسر والحزن ، وقد يكون