والنكتة فيه ان التثنية لا تقابل باسم الجنس ، حيث انه يصدق على القليل والكثير ، كلفظ الماء ، حيث انّه يصدق على القليل كقطرة وعلى الكثير كماء البحر المحيط. لكن التثنية لا تصدّق إلّا على اثنين مقيدين باثنين. فالنكرة تستعمل على نحوين :
الأول : ان يكون المراد منها فرد معين في الخارج بقرينة خارجية ، كالمجيء والرؤية والمرور ، وان كان هذا الفرد في ذهن السامع محتمل الصدق على زيد وعمرو وبكر و ... نحو (جاءني رجل) و (رأيت رجلا) و (مررت برجل).
الثاني : ان يكون المراد منها كليا مقيدا بقيد الوحدة ، كما إذا وقعت النكرة عقيب الأمر نحو (جئني برجل) إذ ليس المراد من الرجل شخصا خاصّا وفردا معينا ، ك (زيد) مثلا. بل المراد منه كل رجل ولكن مقيد بواحد منه بقرينة المجيء ، إذ لا يمكن مجيء رجل كلي إذ لا مصداق له في الخارج.
وعليه فقد تحقق الامتثال وسقط الأمر إذا أتى بفرد العالم منه ، أو بفرد الجاهل منه ، ففي القسم الأول لا تصدق النكرة على كثيرين إذ المراد منها فيه فرد معين واقعا بقرينة المجيء والرؤية والمرور ، وان كانت محتملة الصدق على كثيرين كسائر الكليات إذ ليس المراد منها فيه فردا معينا وشخصا خاصّا في الواقع ، بل المراد كلّ شخص يصدق عليه انّه رجل.
ومن هنا يعلم ان القول بوضع النكرة للفرد المردد في الخارج فاسد جدّا لأنّه لا وجود للفرد المردد في الخارج حيث ان كل ما هو موجود فيه متعين لا مردد بين نفسه وغيره فانّه غير معقول.
هذا مضافا إلى انّه لو كان مفهومها فردا مرددا لما صح حملها على الأفراد نحو (زيد وعمرو وبكر) مثلا إذ ليس كلّ واحد منها فردا مرددا في الخارج بين نفسه وغيره ، بل هي متعينة فيه ، فالتالي باطل إذ حمل النكرة عليها جائز قطعا ، فالمقدم مثله في البطلان.