قرينة يأتي المتكلم بها بعدا ، وهذا واضح.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة : وهي أن المتكلم إذا كان متمكنا من الاتيان بقيد ، والحال انّه كان في مقام البيان ومع ذلك لم يأت بقرينة على خلاف ظاهر كلامه لا متصلة ولا منفصلة يكشف ذلك عن كون مراده من المطلق الذي ذكره المتكلم في كلامه هو الاطلاق في مقام الثبوت والواقع.
وهذا المطلب مما قامت السيرة القطعية من العقلاء بما هم عقلاء على ذلك الممضاة شرعا ، ولا حاجة إلى التمسك بالاطلاق إلى أزيد من المقدّمات الثلاث فهي قرينة عامة على اثبات الاطلاق.
واما القرائن الخاصة من الحالية والمقالية فهي تختلف باختلاف الموارد فلا ضابط لها أصلا. بقي في المقام توضيح أمرين :
الأوّل : ان القدر المتيقن في مقام التخاطب هل يمنع عن التمسك بالاطلاق أم لا. فيه وجهان اختار المحقّق صاحب الكفاية انه يمنع منه.
والتفصيل : انّه يريد به تارة القدر المتيقن الخارجي ، أي انّه متيقن بحسب الإرادة خارجا من جهة القرائن. منها مناسبة الحكم والموضوع كمناسبة الحرمة مع شرب الخمر مثلا والاباحة مع شرب الماء.
ومن الواضح ان مثل هذا المتيقن لا يمنع عن التمسك بالاطلاق ، مثلا إذا قال المولى (اكرم عالما) فالمتيقن منه هو العالم الهاشمي العادل الورع التقي النقي إذ لا يحتمل أن يكون المراد منه غيره دونه ، واما احتمال أن يكون المراد منه ذلك دون غيره فهو موجود قطعا.
ولا يخفى ان قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) من قبيل (اكرم عالما) إذ القدر المتيقن منه هو البيع الموجود بالصيغة العربية الماضوية إذ لا يحتمل أن يكون المراد منه غيره دونه وان احتمل أن يكون المراد هو دون غيره.
وأخرى يريد به القدر المتيقن في مقام التخاطب ، وهذا هو مراد المصنّف قدسسره