فلا محالة يكون الجامع بين الأقل والأكثر واجبا ، ان كان غرض المولى واحدا ، فالعبد مكلف بايجاد الجامع في ضمن الأقل أو في ضمن الأكثر ، ويكون التخيير بين الأقل والأكثر بحكم العقل ، كالتخيير بين الافراد بعد تعلق الأوامر بالطبائع ، كما هو الأظهر عند ارباب الفن والصناعة ، ومثاله قد مرّ في مثل الماء وعصير الفاكهة.
وان كان هناك غرضان فالتخيير بين الأقل والأكثر شرعي ، أي يكون بحكم الشرع لا العقل كخصال الكفارة من العتق والصيام والاطعام ، كما عرفت سابقا ، فملاك التخيير العقلي هو حكم العقل به ، وملاك التخيير الشرعي هو لسان الدليل الشرعي كما في خصال الكفارة.
قوله : نعم لو كان الغرض مترتبا على الأقل ...
إذا كان غرض المولى حاصلا بالأقل ، سواء كان الأكثر موجودا أم لم يكن بموجود ، فمن المعلوم انه ليس للاجزاء الزائدة على الأقل دخل في حصول الغرض ، فلا وجه للتخيير مطلقا في هذا المورد ، فالأكثر لا يكون مثل الأقل ، ولا يكون عدلا للأقل ، بل كان في هذا المورد اجتماع الوجوب والاستحباب او اجتماع الوجوب والكراهة ، أو اجتماع الوجوب والاباحة حسب اختلاف الموارد ، مثال الأول التكبيرات السبع الافتتاحية للصلاة ، إذ احداها واجبة بقصد تكبيرة الاحرام وغيرها مستحب.
ومثال الثاني القران بين السورتين في الركعة الاولى والثانية ، إذ تكون احداهما واجبة والاخرى مكروهة.
ومثال الثالث في نزح خمسين دلوا من البئر في مورد وجوب نزح اربعين دلوا منه كما إذا القيت شاة في بئر وماتت فيه.
قوله : فتدبّر جيّدا.
وهو تدقيقي اشارة إلى الدقة والتدقيق حتى تتميز موارد التخيير الشرعي وموارد التخيير العقلي لاختلاف الموارد والمقامات.