جعله ، وإذا شاء أن لا يجعله مستمرّا لا يجعله. فالمتروك من هذه الحيثية ، أي ترك الزنا ، مقدور ، وان كان ترك الزنا ، من حيث هو ترك ازلي ، غير مقدور ، إذ هو سابق على قدرة المكلف ، بل هو سابق على المكلف نفسه ، ومن الواضح انه لا تأثير للقدرة في الأمر السابق لأن القدرة انما تتعلّق بالأمر الحالي ، ولا يعقل تعلقها بالأمر السابق المتصرّم زمانه ، فضلا عن الأمر الأزلي ، فلا داعي حينئذ ان يقال ان المطلوب بالنهي هو امر وجودي الذي هو كفّ النفس عن المنهي عنه ، إذ الترك ، أي ترك المنهي عنه ، من حيث الابقاء والاستمرار ، ومن حيث عدمهما ايضا ، مقدور للمكلف. فنسبة القدرة إلى وجود الزنا وإلى عدم الزنا نسبة واحدة ، بمعنى انه إذا كان احدهما مقدورا فلا بد أن يكون الآخر كذلك ، أي مقدورا. والقدرة على احدهما خاصّة دون الآخر اضطرار لا قدرة.
فبالنتيجة : فاذا اعترف الخصم بان وجود الزنا مقدور لزم أن يعترف بان العدم ، أي عدم الزنا ، مقدور ، فيصح كون العدم موردا للتكليف ، فيكون المطلوب بالنهي هو الترك ، لا الكف كما توهم.