تشرب الخمر) (أترك شربه) يلزم طلب الأمر الحاصل وهو قبيح ، وكل قبيح محال بالاضافة إلى المولى الحكيم ، فطلب الأمر الحاصل محال ، فلا بد أن يكون متعلق الطلب فعلا ، كما في الاوامر ، أو كفّا للنفس عن فعل المنهي عنه ، فاذن لا محالة يكون الكفّ الذي هو أمر وجودي منهيا عنه ، لا الترك ، أي ترك المنهي عنه. فقول صاحب المعالم قدسسره يكون دليلا وبرهانا للقول الأول ايضا. فالفعل والكف مقدوران ، ويكونان متعلقين للتكليف والامر والنهي ، لا الترك في النواهي.
فأجاب صاحب المعالم رضى الله عنه عنه : بانا نمنع من كون العدم الاصلي غير مقدور ، بل هو مقدور ، ككون الفعل مقدورا لأن نسبة القدرة إلى طرفي الوجود والعدم مساوية ، فاذا لم يكن نفي الفعل مقدورا لم يكن ايجاده مقدورا ، إذ تأثير صفة القدرة في الوجوب فقط وجوب لا قدرة ، إذ الفاعل على نحوين :
النحو الأول : ان يكون فاعلا موجبا مضطرا كالنار في الاحراق والشمس في الاشراق.
والثاني : ان يكون فاعلا مختارا كالعباد بالاضافة إلى افعالهم بناء على مذهب العدلية.
والفرق بينهما ان الاول ليس بحيث إذا شاء ان يفعل يفعل ، وإذا شاء أن يترك يترك ، كالنار بالاضافة إلى الاحراق ، فهي ليست بحيث إذا شاءت أن تحرق الجسم وإذا شاءت أن لا تحرقه ، بل هي مضطرة في الاحراق والاحتراق مع وجود الشرط وهو لصوق الجسم بها ، ومع فقد المانع ، وهو عدم رطوبة الجسم الملاصق لها.
وان الثاني يكون بحيث إذا شاء أن يفعل يفعل ، وإذا شاء أن يترك يترك ، نحو زيد بالاضافة إلى تدريسه وتعليمه وتفهيمه ، فهو قادر مختار بحيث إذا شاء ان يدرّس الطلاب يدرّس ، وإذا شاء أن يترك التدريس يتركه.
فظهر أن فعل الزنا مثلا مقدور فكذلك ترك الزنا مقدور أيضا ، لكن من حيث الابقاء والاستمرار وعدم الاستمرار بحيث إذا شاء ان يجعله مستمرّا على حاله