المسائل بعضها عن بعض هو اختلاف جهة البحث لا اختلاف الموضوع وتعدّده ، كي يقال ان الموضوع في مسألة الاجتماع ، وفي مسألة النهي عن العبادات واحد وهو الكون ، فقد تعلق الأمر والنهي به بلحاظ العنوانين فلا موجب لجعلهما مسألتين.
بيان نقطه الفرق بينهما : ان جهة البحث مختلفة فيهما لأن جهة البحث في مسألة الاجتماع ان تعدد العنوان في الفعل الخارجي مثل الحركة في الدار المغصوبة يوجب كون متعلق الأمر والنهي متعددين ، بحيث لا يجتمعان في محل واحد ، وبحيث ترتفع لأجل هذا التعدد غائلة استحالة اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد من وجه واحد وعنوان فارد ، فكما يجوز توجه الأمر إلى موضوع وتوجه النهي إلى موضوع آخر ، فكذلك يجوز توجه الأمر والنهي إلى واحد ذي عنوانين ، لأنا فرضنا ان تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون ، فيكون حال العنوانين مثل حال الموضوعين ، أو ان تعدد العنوان في الفعل الخارجي ، كالحركة في الدار المغصوبة ، لا يوجب تعدد المعنون ، ولا ترتفع بذاك التعدد غائلة اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد وفي محل فارد ، فيكون حال الواحد ذي عنوانين مثل حال الواحد ذي عنوان واحد ، فكما لا يجوز الأمر والنهي عنه كالأمر باكرام زيد من حيث كونه عالما والنهي عن اكرامه من حيث كونه عالما ، فكذا لا يجوز الأمر والنهي عن الحركة في الدار المغصوبة وان انطبق عليها عنوان الصلاتية وعنوان الغصبية.
ففي الحقيقة : النزاع في تلك المسألة كبروي ، فان البحث فيها انما هو عن ثبوت الملازمة بين النهي عن عبادة وفسادها وعدم ثبوت هذه الملازمة ، بعد الفراغ عن ثبوت الصغرى التي هي عبارة عن تعلق النهي بالعبادة ، واما في مسألة الاجتماع هذه فالنزاع صغروي لأن البحث فيها في سراية النهي عن متعلقه إلى متعلق الأمر ، وفي عدم سرايته منه اليه ، فالمانعون يقولون بالأول ، والمجوّزون بالثاني ، فالفرق بينهما في غاية الوضوح ، كما لا يخفى ، لأنه اوضح من ان يخفى. قيل في المقام بفروق أخر لا طائل تحتها لفسادها ، ومن أراد ان يطّلع عليها فعليه بالمطوّلات.