قوله : ومن هنا انقدح ايضا فساد الفرق ...
هذا اشارة إلى الفرق الذي ذكره بعض الاصوليين بين المسألتين ، وإلى فساده.
بيان الفرق : ان النزاع في مسألة الاجتماع يكون في جواز اجتماع الأمر والنهي في الواحد ذي العنوانين عقلا وعدم جوازه عقلا ، أي أيجوّز العقل اجتماعهما فيه أم لا يجوّزه فيه؟ وان النزاع في المسألة الآتية في دلالة النهي على فساد المنهي عنه وعدم الدلالة عليه ، أي أيدل النهي على الفساد أم لا يدل عليه؟ فمسألة الاجتماع عقلية والمسألة الآتية لفظية.
أما بيان فساد هذا الفرق فبوجهين :
الأول : انه ما دام لم يكن تعدد جهة البحث موجودا في البين لم يوجب اختلاف دلالة العقل ودلالة اللفظ تعدد المسألة وجعلها مسألتين ، بل يوجب هذا الاختلاف : أن نقول في هذه المسألة ، أي مسألة الاجتماع ، بالتفصيل وهو جواز اجتماع الأمر والنهي في الواحد ذي العنوانين ، كالصلاة في الدار المغصوبة بالدقة العقلية ، لأن العقل يرى ذاك الواحد اثنين ، وهما عنوان الصلاتية وعنوان الغصبية ، فلا يلزم اجتماعهما في محل واحد وموضوع فارد ، وعن دلالة النهي على الحرمة والفساد. فالصلاة في الدار المغصوبة لا تكون مأمورا بها لأنها فاسدة ومحرّمة لدلالة النهي عليها على الفرض ، وكلّ محرّمة لا تكون مأمورا بها ، فهذه لا تكون مأمورا بها ، فبالدقة العقلية يجوز الاجتماع وبالمسامحة العرفية وبالدلالة اللفظية لا يجوز الاجتماع.
الثاني : ان النزاع في مسألة النهي في العبادات لا يختص بدلالة لفظ النهي على الحرمة والفساد ، إذ مطلق الحرمة ، سواء استفيد من الدليل اللفظي الاجتهادي كصيغة النهي المولوي أم استفيد من الدليل اللبّي كالاجماع أو من الضرورة ، ينافي عبادية الشيء ، وينافي كونه مأمورا به ، كما سيأتي هذا ان شاء الله تعالى.