توضيح لا يخلو من فائدة : هو ان كل مسألة من مسائل العلوم مركبة من موضوع ومحمول ، مثلا إذا كان عنوان الرفع والنصب والجر والاعراب والبناء محمولا كما نقول : (زيد مرفوع ، وعمروا منصوب ، وبكر مجرور ، وحسن معرب ، والمراد هو العلمي منه ، وهذا مبني) ، فهذه من مسائل علم النحو. وإذا كان المحمول عنوان الثلاثية والرباعية والماضوية والمضارعية والمعلومية والمجهولية كما تقول :
(ضرب فعل ثلاثي ماض ، يضرب فعل ثلاثي معلوم مضارع ، يضرب فعل مضارع ثلاثي مجهول ، دحرج فعل ماضي رباعي معلوم) ، فهذه من مسائل علم الصرف.
والفرق بين مسائل علم النحو والصرف ان المحمول يعرض على الموضوع بعد تمام الكلمة في الأول ، ويعرض عليه قبل تمام الكلمة في الثاني ، أي في علم الصرف.
وإذا كان عنوان الظاهر والحقيقة والمجاز والحجة وعنوان التعارض والتزاحم ، كما يقال ان صيغة الأمر حقيقة في الوجوب ومجاز في الندب ، وان صيغة النهي حقيقة في الحرمة ، ومجاز في الكراهة ، وان الجمع المعرّف باللام ظاهر في العموم مثل (اكرم العلماء) وان العام بعد التخصيص وخبر الواحد حجة فهما متعارضان او متزاحمان ، أي اجتماع الأمر والنهي ، على القول بالامتناع متعارضان ، وعلى القول بالجواز متزاحمان ، حجة فيما بقي تحت العام ، فهذه من مسائل علم الاصول.
وإذا كان المحمول على القول عنوان الصحة والفساد وعنوان الوجوب والحرمة والكراهة والاستحباب ، مثل أن يقال هذه الصلاة صحيحة ، وهذه فاسدة ، والصلاة واجبة ، وقتل المسلم بغير حق حرام ، والصلاة في المسجد مستحبة ، والصلاة في الحمام مكروهة ، فهذه من مسائل الفقه.
وإذا كان عنوان الحسن والقبح والامكان والاستحالة كما تقول العدل حسن والظلم قبح ، والدور محال ، والتسلسل مستحيل ، والسؤال في القبر ممكن عقلا ، فهذه من مسائل علم الكلام.
من هذا كلّه : ظهر المطلب في التجرّي ، وهو ان المراد من جهة خاصة في