ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ومحاسبون؟ امتثلوا الأمر واجتنبوا النهى لأنى أراكم بخير وعافية وغنى وسعة ، وهذا يدعو لشكر الله وامتثال أمره ، ولأنى أخاف عليكم عذابه إذا أنتم أصررتم على العصيان.
ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط والعدل ، وهذا أمر بالوجوب بعد النهى عن ضده لتأكيده وتنبيها على أنه لا بد منهما قصدا ، لا تنقصوا الناس أشياءهم في كيل أو وزن أو عد في حق حسى أو معنوي ولا تعيبوا شيئا لا يستحق العيب ، ولا تفسدوا في الأرض بأى نوع من الفساد حالة كونكم قاصدين له ، واعلموا أن ما يبقيه الله لكم بعد إيفاء الحقوق بالقسط أكثر بركة ، وأحمد عاقبة مما تبقونه لأنفسكم من تطفيف في الكيل أو نقص في الوزن وصدق الله (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). وما أنا عليكم بحفيظ ورقيب إن علىّ إلا البلاغ وعلى الله الحساب.
مناقشتهم له ورده عليهم :
قالوا : يا شعيب أصلاتك تقضى بتأثيرها فيك أن تحملنا على ترك ما كان يعبد آباؤنا من أصنام نتخذهم قربى إلى الله؟ ولست أنت خيرا منهم حتى نتركهم ونتبعك ، والاستفهام في الآية للإنكار والسخرية بشعيب ، أصلاتك تأمرك أن نترك ما نفعله في أموالنا من تنمية واستغلال على حسب نشاطنا واجتهادنا ، أليس هذا حجرا على حريتنا وحدا لنشاطنا؟ إنك يا شعيب لأنت الحليم المتأنى في حكمه العاقل المتروى ، والرشيد الذي لا يأمر إلا بما استبان له فيه وجه الخير والرشاد ، وهذا التأكيد الكثير في كلامهم يفيد الاستهزاء والتعريض به.
انظروا إلى رد شعيب عليهم في هذه الاتهامات.
يا قومي ويا أهلى أخبرونى ماذا أفعل معكم ومع نفسي؟ إن كنت على يقين تام ، وحجة واضحة من ربي تفيد أن ما آمركم به هو من عند الله لا من عند نفسي ، والله أعلم حيث يجعل رسالته ، وقد رزقت من فضله وخيره رزقا حسنا كثيرا ، حصل لي من طريق الكسب الحلال فأنا رجل ملئ وخبير بما ينمى المال ، وأخبرونى ماذا أفعل ، وماذا أقول لكم غير الذي قلت؟.
وما أريد أن أخالفكم مائلا إلى ما نهيتكم عنه بل أنا مستمسك به قبلكم لأنى أرى فيه الخير والرشاد في الدنيا والآخرة.