وأنا ما أريد إلا الإصلاح والخير العام لي ولكم ما استطعت إلى ذلك سبيلا ليس لي فيما أفعل غرض خاص. ومن هنا نأخذ أن العاقل يجب أن يكون عمله مراعيا فيه حق الله ورسوله ، وحق نفسه ، وحق الناس عليه.
وما توفيقي وهدايتي إلى الخير إلا بالله وحده ، عليه توكلت ، وإليه أنيب إذ هو المرجع والمآب والنافع والضار لا أرجو منكم خيرا ، ولا أخاف ضرا ، ويا قوم لا يحملنكم شقاقي وخلافي معكم في الرأى والعقيدة على العمل الضار الذي يترتب عليه أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح بالغرق ، أو قوم هود بالريح العاتية ، أو قوم صالح بالصيحة الطاغية ، وما عذاب قوم لوط منكم ببعيد زمانا ولا مكانا ولا إجراما.
واستغفروا ربكم من ذنوبكم ثم توبوا إليه واعملوا صالحا من الأعمال ، وإن ربي وربكم عظيم كثير المودة ، فإنكم إن فعلتم ذلك يمتعكم متاعا حسنا في الدنيا والآخرة.
اشتداد الحالة ووقوع العذاب :
قالوا يا شعيب : ما نفهم كثيرا مما تقول فهما عميقا ، ولا نفهم له معنى ولا حكمة ، وإنا لنراك فينا ضعيفا لا حول لك ولا قوة ، فكيف يقبل منك هذا الذي يوصلك إلى الرياسة في الدين والدنيا ، على أنا لو أردنا البطش بك لما منعنا مانع ، ولو لا عشيرتك الأقربون لفتكنا بك فتكا يتناسب مع عملك معنا من ذم آلهتنا ، وطلبك الحجر علينا في تصرفنا أى : نقتلك رميا بالحجارة وما أنت علينا بعزيز.
قال : يا قومي ، أرهطي وأسرتى أعز وأكرم عليكم من الله الذي أدعوكم اليه؟ وأشركتم به وجعلتم مراقبته والخوف منه وأمره ونهيه وراءكم ظهريا كالأمر الذي يهون على صاحبه فينساه ولا يحسب له حسابا ، إن ربي بما تعملون محيط علما فسيجازيكم على عملكم.
ويا قومي اعملوا ما استطعتم على منتهى تمكنكم في قوتكم إنى عامل على مكانتى وحالتي!! وغدا سوف تعلمون الذي سوف يأتيه عذاب يخزيه ويذله في الدنيا والآخرة ، ومن هو كاذب في قوله (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا) وانتظروا مراقبين من سيقع عليه العقاب ، إنى معكم من المنتظرين ، وهذا الأمر (اعملوا وارتقبوا) للتهديد والوعيد ممن وثق بربه وبوعده.