لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨) يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩))
المفردات :
(مَثَلُ الْجَنَّةِ) صفتها العجيبة التي تشبه المثل في غرابتها (الْأَحْزابِ) جمع حزب ويطلق على الطائفة المتحزبة المجتمعة لشأن من الشئون (مَآبِ) مرجع (واقٍ) حافظ (أَجَلٍ) الأجل المدة والوقت (كِتابٌ) قيل : هو الحكم المعين الذي يكتب على العباد على حسب ما تقتضيه الحكمة (أُمُّ الْكِتابِ) أصله قيل : هو علم الله وقيل غيره.
هكذا ديدن القرآن إذا وصف النار وعذابها قفّى على ذلك بذكر الجنة ونعيمها (وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً* إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً* وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً* لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً* قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً) [سورة الفرقان ١١ ـ ١٥] إلى آخر الآيات من السورة.
المعنى :
يريد الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يمثل الغائب بما هو مشاهد معروف عندنا ، تقريبا للأفهام ؛ وتوجيها للأذهان ، وإلا فالجنة على حقيقتها شيء لا يدرك كنهه إلا بعد دخولها والتمتع بها ـ إن شاء الله ـ (فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) [سورة الزخرف آية ٧١].
فيما يتلى عليكم صفة الجنة التي وعدها الله للمتقين تجرى من تحتها الأنهار سارحة في أرجائها وجوانبها وحيث شاء أهلها يفجرونها تفجيرا ، ويوجهونها حيث أرادوا (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) [سورة محمد آية ١٥].