وللعرب في معرفة النجوم ومنازلها علوم ومعارف. (رَجِيمٍ) مرجوم (اسْتَرَقَ السَّمْعَ) تسمعه بخفة وحذر (فَأَتْبَعَهُ) أى تبعه : أدركه (شِهابٌ مُبِينٌ) المراد به الكواكب أو النار المشتعلة التي نراها في السماء ، انظر إلى قوله : «شهاب قبس» (مَدَدْناها) بسطناها وفرشناها ومهدناها (رَواسِيَ) المراد الجبال ، (مَوْزُونٍ) مقدر بميزان الحكمة والعلم الصائب (خَزائِنُهُ) جمع خزانة وهي ما تحفظ فيه الأشياء (لَواقِحَ) أى : حوامل للسحاب والتراب ؛ واللقاح للشجر انظر إلى قوله : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً) أى : حملت ، وقولهم : ناقة لا قح أى : حامل.
المناسبة :
ما تقدم كان في شأن الكفار وأحوالهم ، وما قالوه وتمنوه بعد ظهور الحقائق وعجز الآلهة : وهنا بيان لقدرة الله الباهرة وخلقه البديع المحكم ، ونعمه التي لا تحصى ليكون دليلا على وحدانيته ، وأنه وحده المعبود بحق.
المعنى :
تالله لقد جعلنا في السماء بروجا وسيرنا فيها منازل الشمس والقمر والنجوم ، وزيناها للناظرين المفكرين ، والباحثين المعتبرين ، إن ذلك لآيات لقوم يتفكرون (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) [سورة الفرقان آية ٦١].
روى عن ابن عباس قال : ولقد كانت الشياطين لا يحجبون عن السماء فكانوا يدخلونها ويتسمعون من سكانها الأخبار ، ويلقون أخبارها على الكهنة فيزيدون عليها ويحدثون بها أهل الأرض ، كلمة حق واحدة وتسع باطلة. فإذا رأى الناس شيئا مما قالوه حقّا صدقوهم في كل ما جاءوا به. فلما ولد عيسى ابن مريم منعوا من ثلاث سماوات ، فلما ولد محمد صلىاللهعليهوسلم منعوا من السموات كلها ، فما منهم من أحد يريد استراق السمع إلا رمى بشهاب.
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ. لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ. دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ. إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) [سورة الصافات ٦ ـ ١٠]