ولقد آتيناك وأنزلنا عليك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ، وهذا شرف كبير. وفضل عظيم ، وجاه عريض ، ومن يعطى هذا لا يطمح ببصره طموح راغب إلى ما متعنا به أزواجا من الكفار وأصنافا منهم ، وكيف يطمع في عرض زائل ، وحطام فان وقد أعطى القرآن العظيم؟! روى عن أبى بكر ـ رضى الله عنه ـ. من أوتى القرآن فرأى أن أحدا أوتى من الدنيا أفضل مما أوتى فقد صغر عظيما ، وعظم صغيرا ، وروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم «ليس منّا من لّم يتغنّ بالقرآن» أى : يستغنى به.
وهذا توجيه سام وأدب عال من الله ـ سبحانه ـ لعباده المؤمنين ، وتربية لنفوسهم بعيدة الأثر ، فليس أضر على الإنسان من طموحه إلى من هو فوقه في الدنيا وعرضها بل انظر إلى من دونك تسترح فإذا أعطيت مع هذا القرآن فكفى به شرفا ، وليست الآية تدعو إلى عدم العمل. كلا فليس في ديننا رهبانية ولا كسل بل هو دين العمل والقصد الحسن ، وفي الآية إشارة إلى ما في القرآن من الخير والفلاح ، وأنه لا يغرنا تقلب الذين كفروا في البلاد بل هو متاع قليل ومأواهم جهنم وبئس المصير.
ولا تحزن على المشركين إن لم يؤمنوا ، ويقول القرطبي : ولا تحزن على ما تمتعوا به في الدنيا فلك في الآخرة أفضل منه.
واخفض جناحك للمؤمنين ، نعم وألن جانبك لهم ، وتواضع معهم ، فلو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم ، واستغفر لهم ، وشاورهم في الأمر يا سبحان الله هذه تعاليم إلهية تلقى للنبي صلىاللهعليهوسلم الذي شهد له القرآن بأنه على خلق عظيم ليعمل بها كل رئيس أراد أن تلتف حوله قلوب جماعته ، فلينظر حكامنا وقادتنا إلى تعاليم القرآن.
وقل لهم : إنى أنا النذير المبين فقط ، فليس لي من الأمر شيء وإنما علىّ البلاغ والتبشير والإنذار ، وعلى الله كل شيء بعد هذا.
ولقد آتيناك ونزلنا عليك القرآن مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين ، نعم أهل الكتاب اقتسموا القرآن فجعلوا بعضه حقا لأنه موافق لهواهم ، وبعضه باطلا لأنه مخالف لهواهم! وقال بعضهم هذه السورة لي ، وقال الآخر وهذه السورة لي ، ترى أنهم اقتسموا القرآن وجعلوه فرقا ، ويجوز أن يراد بالقرآن