كتبهم التي يقرءونها ، وقد آمنوا ببعض وكفروا ببعض ، ويكون هذا من باب التسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم حيث قال قومه إنه سحر ، أو شعر ، أو كهانة.
وبعضهم يقول : المقتسمون هم القرشيون الذين اقتسموا الطريق ووقف كل منهم على باب يحذر الناس من اتباع النبي ويقولون عن القرآن إنه سحر وصاحبه ساحر ، وهو كذب ، وصاحبه كذاب ، وهو شعر وصاحبه شاعر ، ولعل المعنى إنى أنا النذير المبين إنذارا بعذاب ينزل بكم كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن فرقا وأنواعا. فاقسم بربك لنسألنهم جميعا يوم لا ينفع مال ولا بنون ، عما كانوا يعملون وسنجازيهم عليه الجزاء الوافي حتى يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا.
وإذا كان الأمر كذلك ، وقد نفذ النبي صلىاللهعليهوسلم كل هذه التوجيهات وعمل بها فاصدع أيها النبي بما تؤمر.
أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتبليغ الرسالة للجميع ، والجهر بها فقد مضت مرحلة الإسرار في الدعوة.
فاصدع بالذي تؤمر به وفرق به جمعهم ، واجهر بدعوتك فسينشق بها حائطهم وسيصدع جدارهم ، وأعرض عن المشركين ، ولا تبال بهم فالله عاصمك منهم ، ومؤيدك بروح من عنده ، وكافيك شر المستهزئين بك المجاهرين لك في العداوة والبغضاء ، وقد صدق الله وعده ونصر عبده ، ونال كل من زعماء الشرك وقادة الباطل حتفهم على أسوأ صورة في غزوة بدر وما بعدها.
هؤلاء المستهزئون بك يستحقون أكثر من ذلك فهم الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، ويشركون به من لا يملك ضرا ولا نفعا فسوف يعلمون عاقبة عملهم ونتيجة شركهم.
ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ، وتتحرج نفسك بما يعملون ولكن الدواء الناجح الذي به تطمئن القلوب وتهدأ النفوس ، حتى تستعذب في سبيل الله كل عذاب ، وتعده من أكبر النعم وتمام التطهير لها.
هذا الدواء هو التسبيح والتقديس والركوع والسجود ، والإكثار من العبادة والاتصال بالله إذ هذه مطهرات للنفس مقويات للروح ومتى قويت الروح ضعفت النفس المادية التي تشعر بالألم والتعب والنصب إذا عملت في سبيل الله.