ومن ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون منه سكرا وخمرا ، وتتخذون رزقا حسنا في مطعمكم ومأكلكم ، فثمر النخيل والعنب وما شاكلهما يتخذ منه عصير الخمر ، ومادة الأكل والرزق الحسن.
يقولون إن هذه أول آية نزلت في تحريم الخمر ، وقد نزلت بمكة لأن السورة مكية ، وتحريم الخمر في المدينة ، وقد سأل بعضهم كيف تكون هذه أول آية في تحريم الخمر؟ ولأنها أول آية في تحريم الخمر التي امتدت جذورها وتأصلت عند العرب كانت الإشارة فيها للتحريم إشارة بعيدة الغور ، حيث كانت ثمرات النخيل والعنب سكرا ورزقا حسنا فوصف الرزق منها بأنه حسن وترك السكر دليل على أنه ليس بحسن ، وفي هذا إشارة إلى خلو ذلك من الخير والحسن ، وفي الآيات التالية لتحريم الخمر أبان خطرها وضررها ، والآية الكريمة التي معنا دلالة على قدرة الله وعظمته إن في ذلك لآية لقوم يعقلون.
وأوحى ربك إلى النحل ، وجعل من غريزتها وطبعها ذلك. أوحى لها أن اتخذى من الجبال وكواها بيوتا ، وكذلك من الشجر وجوفه ، ومما يعرش ابن آدم ، ويصنع لك ويهيأ من الخلايا على النظام القديم والحديث وقد أوحى الله لها وألهمها أن كلى من رحيق كل الثمرات ، يا سبحان الله هذا الكون وحدة لا يتجزأ ، ولا يمكن أن يكون نظامه مصادفة ، بل لا بد له من إله مدبر عالم حكيم قوى قادر ، هذه النحلة التي ألهمت تأكل من كل الثمرات ، وتدخل في أكمام الأزهار تبحث عن الغذاء هي التي تنقل على أجنحتها تلقيح الأزهار من الذكر إلى الأنثى من حيث لا تشعر ، ويظهر أن لكل كائن في الوجود رسالة يؤديها علم بها أو لم يعلم ، أوحى لها أن كلى من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك مذللة طائعة.
يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه هو العسل.
يا سبحان الله!! لقد صدق من قال : ورق التوت : يأكله الدود فيخرج منه الحرير ، ويأكله الظبى فيخرج منه المسك ، ويأكله النحل فيخرج منه العسل ، ويأكله المعز فيخرج منه الروث.
هذا العسل فيه شفاء للناس ، نعم فيه شفاء لكثير من الأدواء ، ولقد حدثنا أستاذنا الدكتور محمد جعفر عن فوائده الطبية بما به عرفنا أن فيه شفاء لكثير من أمراض الناس.