إن يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما كلمة ضجر أو تألم ، والكبر ملازم للضعف والعجز والحاجة إلى المعين والناصر الذي يتغاضى عن العيب والأذى (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً).
وليس النهى عن التضجر والتألم خاصا بحالة الكبر بل في كل حال خصوصا التي يتهاون فيها الولد بأبيه لضعفه وعجزه عن الكسب.
وقل لهما قولا لينا لطيفا ، مع حفظ الكرامة ، والأدب والحياء. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ، وهذه كناية عن حسن رعايتهما ، وتدبير أمرهما فكأنه قال : واضممها إلى نفسك كما فعلا بك وأنت صغير وتواضع لهما ، وألن جانبك معهما ، واخفض لهما الجناح الذليل من أجل فرط الشفقة بهما ، والعطف عليهما إذ هما في حاجة إلى عطف من كان أفقر خلق الله إلى عطفهما.
ولا تكتف بهذا بل قل رب ارحمهما ، وتجاوز عن سيئاتهما فإنهما ربياني صغيرا.
وأنت ترى أن الله بالغ في التوصية بالوالدين مبالغة تقشعر منها جلود العاقين.
وفي السنة الكريمة قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم «الجنّة تحت أقدام الأمّهات» وقوله : «أتانى جبريل فقال : يا محمد ، رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليك قل : آمين. فقلت : آمين ثم قال : رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم خرج فلم يغفر له قل : آمين. فقلت : آمين. ثم قال : رغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قل : آمين. فقلت : آمين».
(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) وهذا تذييل يعلمنا أن العبرة بالقلب ، وما فيه ، فإن بدرت منه بادرة لم تكن مقصودة منه فالله أعلم به ، ولا يعاقبه عليه ما دامت نيته حسنة وهو من الصالحين ، وإذا تبتم إلى الله وندمتم على ما فعلتم فاعلموا أن الله غفور للأوابين رحيم بهم.
حق ذوى القربى والمساكين وابن السبيل :
(وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) والخطاب في ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم