تهييجا وإلهابا لغيره من الأمة والخطاب لكل من هو صالح لذلك ، وحق ذوى القرابة هو صلة الرحم التي أمر الله بها مرارا ، وهل الأمر للوجوب أو الندب وهل تجب للوالد فقط أولهما ولغيرهما من الأقارب كالأخوات وبنى الأعمام.
فعند أبى حنيفة الأمر للوجوب فيجب على الموسر مواساة أقاربه إذا كانوا محارم كالأخ والأخت ، والوالد من باب أولى ، وعند الشافعى ـ رضي الله عنه ـ الأمر للندب ولا تجب إلا نفقة الأصول والفروع دون غيرهما من الأقارب.
والذي ينبغي الاعتماد عليه وجوب صلتهم بما تبلغ إليه القدرة ، والتعاطف أمر قلبي لا يغرسه قانون.
أما حق المساكين وابن السبيل فهو من الصدقة الواجبة أو المندوبة. والأقربون أولى بالمعروف.
ولما أمر بما أمر به ها هنا نهى عن التبذير حتى نكون وسطا فلا إفراط ولا تفريط.
التبذير :
(وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً).
الإسلام دين ودولة ، وعقيدة وعمل ، وفكرة ونظام ، واجتماع وعمران ولا أدل على ذلك من نهيه عن التبذير وحثه على الاقتصاد ، ولقد كان أسلوب القرآن. ووصفه المبذرين بأنهم إخوان الشياطين أسلوبا لاذعا وتصويرا عمليا أبرز في صورة بشعة حيث كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لنعم ربه كفورا ، وهكذا المبذرون كفروا بنعمة ربهم وفرقوا المال في غير موضعه ، وأسرفوا فيه إسرافا مذموما لمجاوزتهم الحد المستحسن شرعا ، والآية تفيد أن المبذر مماثل للشيطان والشيطان كفور لربه فالمبذر كفور لربه جاحد لنعمته.
وإن أعرضت عن ذوى القربى والمساكين وابن السبيل لضيق يد ولفقد مال ترجو أن يفتح الله به عليك فقل لهم قولا ميسورا سهلا لينا كالوعد الجميل ، والاعتذار المقبول.