الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) [طه : ١٠٩] ، (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) [الزمر : ٤٤] هذه حقائق ترد على المشركين اعتقادهم في الشفاعة لآلهتهم ، وكيف يتكلمون في الشفاعة يوم القيامة ، وهم لا يؤمنون به!! ذلكم الكبير المتعال ، الخالق المدبر لهذه الأكوان الذي لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه هو الله ربكم لا إله غيره ولا معبود سواه ، فاعبدوه وحده ، ولا تشركوا معه إلها غيره ، ولقد كان العرب يؤمنون بوحدة الربوبية : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) الآية ٣٨ من سورة الزمر. ولكنهم يشركون معه غيره في الألوهية ، لذلك عالج القرآن هذا بقوله : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) [سورة يونس الآية ٣].
أتجهلون هذا الحق الواضح؟ فالله هو الذي خلق السموات والأرض وحده واستوى على العرش يدبر الأمر يفصل الآيات ، لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه ، وأن صاحب هذا كله هو ربكم فاعبدوه وحده ، أتجهلون ذلك أفلا تذكرون؟!!
إلى الله وحده دون سواه مرجعكم جميعا بعد الموت ، لا يتخلف منكم أحد أبدا ، وعد الله هذا وعدا حقا.
إنه يبدأ الخلق كله ، وينشئه عند تكوينه ، ثم يعيده في النشأة الأخرى ، فأما بدؤه فقد حصل بلا نزاع ، وأما إعادته فدليلها أن القادر على البدء والتكوين من غير مثال سابق قادر بلا شك على إعادة الحياة بعد الموت : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ). [سورة الروم الآية ٢٧].
وإذا كانت الإعادة ليجزي الذين آمنوا بالله والنبي وما أنزل عليه ، ليجزيهم بالقسط والعدل ، فيعطى كل عامل حقه من الثواب ، لا يظلمه شيئا : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) [سورة الأنبياء الآية ٤٧].
وهذا لا يمنع التفضل بمضاعفة أجر المحسنين : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [سورة يونس الآية ٢٦] فالحسنى جزاء والزيادة تفضل من الرحمن الرحيم.
وأما الذين كفروا بالله وأنكروا البعث وتعجبوا من إرسال بشر لهم ينذرهم ويبشرهم