وقد شملهم ربك بالعطف فضرب على آذانهم في الكهف سنين معدودة ، والمعنى : أنامهم نوما ثقيلا حتى كأنهم وراء حجاب مضروب لا يسمع منه صوت.
ثم بعثهم ربك ، وأيقظهم من النوم ليظهر معلومه ـ سبحانه ـ عن أى الحزبين أحصى للبثهم أمدا وغاية ، وقد جعل علمه أى الحزبين أحصى؟ غاية وعلة للبحث إذ سيظهر عجزهم ، ويفضون أمرهم ، ويحاولون أن يتعرفوا حالهم فيزدادوا يقينا على يقينهم ، وهذا لطف بالمؤمنين في زمانهم ، وآية بينة للكافرين.
وهذه خلاصة للقصة بالإجمال وهاك التفصيل.
نحن نقص عليك خبرهم المهم ذا الشأن والخطر ، أما حواشى الأخبار وتوافهها فلا يتجه لها القرآن ، نقصه قصصا متلبسا بالحق لا زور فيه ولا بهتان ومن أصدق من الله حديثا؟
إنهم فتية آمنوا بربهم إيمانا صادقا خاليا من ضروب الشرك وآثامه ، وزادهم هدى ، وربط على قلوبهم ، وقواها حتى لم يعد فيها مكان للشك والنفاق إذ قاموا مجاهرين قائلين ، ربنا رب السموات والأرض وما فيهن ، لن نعبد من دونه إلها إننا إن عبدنا غيره ، وقلنا به لقد قلنا قولا ذا شطط ، متجاوزين حدود العقل والدين : هؤلاء قومنا البعيدون في درجات الجهل والحماقة اتخذوا آلهة متجاوزين بها الله فاطر السموات والأرض من غير علم ولا دليل.
هلا يأتون على ألوهيتهم بسلطان بين ، وحجة ظاهرة! لا حجة لهم أبدا ولكنه الشرك والتقليد الأعمى.
فلا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا وزورا باتخاذ الشركاء والآلهة.
وإذ اعتزلتموهم يا أهل الكهف ، وفارقتموهم في الاعتقاد ، واعتزلتم عبادتهم وما عبدتم إلا الله الواحد القهار فأووا إلى الكهف ، لتعتزلوهم جسميا بعد فراقهم روحيا ، إن تأووا إليه ينشر لكم ربكم من رحمته في الدارين ، ويهيئ لكم ويصلح من أمركم الذي أنتم بصدده من الفرار بالدين مرفقا ترتفقون به ، وتنتفعون.
هذا حالهم قبل دخولهم في الكهف. أما بعد الدخول فيه فيقول الله :