بمعنى عدم الاهتمام بالشيء وجعله في زاوية النسيان وعليه قوله : (نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ).
(عَزْماً) العزم التصميم على العمل ، وانعقاد الضمير عليه (فَتَشْقى) فتتعب (وَلا تَعْرى) من العرى ضد اللباس (وَلا تَضْحى) ولا تظهر للشمس فتجد حرها (فَوَسْوَسَ) الوسوسة : الصوت الخفى المكرر ، والمراد : ما نجده من الخواطر (شَجَرَةِ الْخُلْدِ) المراد شجرة الحنطة (مُلْكٍ لا يَبْلى) لا ينفذ (سَوْآتُهُما) المراد عوراتهما (طَفِقا يَخْصِفانِ) أخذ يجعلان ورقة فوق ورقة (فَغَوى) أى : فشد عليه عيشه بنزوله الدنيا (ضَنْكاً) أى : شديدة متعبة (أَسْرَفَ) انهمك في اقتراف الشهوات.
قصة آدم أبى البشر ذكرت في القرآن عدة مرات ، وفي سور مختلفة ، وبأساليب متباينة ، وكانت جديرة بذلك لما فيها من الأسرار والإشارات ، ولما في ذكرها من التذكير والعظات ، لو كانوا يعقلون.
المعنى :
وبالله لقد عهدنا إلى آدم من قبل وجود هؤلاء الناس ، عهدنا إليه ووصيناه بألا يقرب هذه الشجرة ، وأمرناه ألا يأكل منها فنسي هذا الأمر ولم يهتم به فلم يكن في بؤرة شعوره ، وذلك بوسوسة إبليس له ، ولم نجد له عزما وتصميما إذ هو ناس لا محالة.
إذن يمكن أن نفهم من هذه الآية أن الحق ـ تبارك وتعالى ـ يعرفنا أن النسيان وعدم العزم هما سببا هبوط المرء إلى درجة العصيان ؛ أما التذكرة وقوة العزم فهما سبب الصعود إلى الخير والرشد.
واذكر إذ قلنا للملائكة : اسجدوا لآدم تحية وإجلال لا سجود عبادة وتأليه حتى يعرف أبناؤه تكريم الله لهم فيقوموا بواجب الشكر ورد الجميل فسجدوا جميعا إلا إبليس الذي كان معهم وقت الأمر ، وإن كان من الجن كما هو ظاهر الآية (كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [سورة الكهف آية ٥٠].