فكأنه قال اجتنبوا الرجس من الأوثان التي هي رأس الزور ، وعنوان البهتان ، واجتنبوا قول الزور لأنه بالغ النهاية في القبح والقذارة.
وانظر يا أخى ـ وفقك الله إلى إدراك أسرار كتابه ـ إلى جعل الأوثان من الرجس ، والرجس من القذارة ، والطبع السليم يأنف من الأوساخ والقاذورات فالواجب على العاقل أن يباعد بينه وبين الأوثان حيث إنها رجس من عمل الشيطان ، وكأن المعنى فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان.
واجتنبوا قول الزور وشهادة الزور فإنه ميل عن الحق إلى الباطل ؛
عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أنه صلّى الصبح فلما سلّم قام قائما واستقبل بوجهه ، وقال : عدلت شهادة الزور والإشراك بالله. عدلت شهادة الزور والإشراك بالله. عدلت شهادة الزور والإشراك بالله. وتلا هذه الآية ... اجتنبوا الرجس الذي هو عبادة الأوثان واجتنبوا الزور والقول به. حالة كونكم حنفاء لله ، مستقيمين له ، مائلين جهة الحق والعدل ، غير مشركين به شيئا ، ومن يشرك بالله ، ويعبد غيره فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده هلاك وهو يشبه حال من سقط من السماء فاختطفته الطيور ومزقت جسده قطعا قطعا ، وابتلعته في حواصلها ؛ أو عصفت به الريح حتى هوت به في مغاور بعيدة الغور لا يعرف لها قرار.
وما أبلغ تشبيه المشرك بالله بالساقط من السماء ، مع الأهواء التي تنتابه ونزغات الشيطان التي تتوزعه بالطير تأكل من جسمه ، ومعه الشيطان يطوح به في مهاوي الضلال البعيدة الغور كالريح العاصف.
ذلك أى احفظ ذلك ، أو الأمر هو ذلك الذي ذكرناه.
ومن يعظم شعائر الله ، وهي الهدايا لأنها من معالم الحج وتعظيمها أن يختارها سمينة غالية الثمن ، فإن تعظيمها من أفعال ذوى القلوب المؤمنة المملوءة بالتقوى فالتقوى محلها القلب.
لكم فيها منافع إلى أجل مسمى حيث تركبونها ، وتأكلون من لبنها ، وتنتفعون بأصوافها إلى أجل مسمى ، وهو نحرها والتصدق بها وأكلها ... لنا في الهدى منافع دنيوية وهي الركوب وشرب اللبن. ومنافع أخروية وهي التي يعتد الله بها وينظر إليها (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [سورة الأنفال آية ٦٧].