والجهل ، وهم لها عاملون قطعا لأنها مكتوبة عليهم حتى إذا أخذنا مترفيهم وأغنيائهم بالعذاب يوم القيامة إذا هم يجأرون ويستغيثون رافعين صوتهم لشدة ما هم فيه ، ويقال لهم ـ على سبيل التبكيت والتأنيب ـ : لا تجأروا اليوم ، إنكم منا لا تنصرون ويومئذ هم في العذاب محضرون ، ولا هم ينصرون ، فانظر إليهم وقد وصلت حالتهم إلى ما وصلت إليه من الحسرة والندامة ، وهذا كالباعث لهم على ترك الكفر والجهل.
والله ـ سبحانه وتعالى ـ بعد ما بين أنه لا ناصر لهم أتبع ذلك ببيان سبب هذا الجزاء فقال :
(أ) قد كانت آياتي البينات من القرآن الكريم تتلى عليكم فكنتم تنكصون على أدباركم ، وتنفرون منها ، وتعرضون عنها.
(ب) وقد كنتم مستكبرين بالحرم والبيت العتيق قائلين : لا يظهر علينا أحد لأنا أهل حرم الله ، والحال أنكم تعصونه ، ولا تقدرونه قدره.
(ج) وقد كنتم تجتمعون حول الكعبة ليلا للسمر ، وكان سمركم في القرآن والنبي صلىاللهعليهوسلم والسب فيه ووصفه بأنه ساحر أو مجنون ، ووصف القرآن بأنه أساطير الأولين ، وأنه كذب وزور ، فكنتم تقولون هجرا من القول وزورا ، وكنتم تهزأون وتفحشون!!
ثم إنه ـ سبحانه وتعالى ـ لما وصف حالهم رد عليهم بأن إقدامهم على هذه الأمور لسبب من الأسباب الآتية لا يصح أن يكون!! فلذا أنكر عليهم ما يأتى :
١ ـ أعموا فلم يتدبروا القرآن الذي أنزل على محمد؟ وهو معجزته الباقية الخالدة ، وقد نزل بلسان عربي مبين وهم أهل اللسان والفصاحة ، وقد تحداهم على أن يأتوا بمثله تحديا سافرا ومع هذا فقد عجزوا (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)؟ من سورة محمد. ولو تدبروا لآمنوا ، وما فعلوا ما فعلوا.
٢ ـ بل أجاءهم محمد صلىاللهعليهوسلم بما لم يأت آباءهم الأولين؟. لا ، لم يكن محمد بدعا ، وما كانت رسالته عديمة النظير ، فهم يعرفون بالتواتر أن الأمم ترسل إليهم الرسل فيكونون بين مصدق ومكذب فينجى الله المؤمنين وينصرهم ويهلك الكافرين والمكذبين .. فلم هذا العناد والتكذيب؟!!. أليست هذه الأحوال التي يعرفونها تدعوهم إلى التصديق؟