٣ ـ بل ألم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون؟!! نعم هم يقرون ويعترفون أن رسولهم محمدا هو الصادق الأمين ، ما جربوا عليه كذبا قط ، وما خان في يوم مخلوقا! فكيف يخون الله ويكذب عليه؟ وهم أدرى الناس به وبأحواله فكيف يكون إنكاره وتكذيبه بعد الرسالة وكمال العقل والرجولة؟ إن هذا أمر عجيب؟
٤ ـ بل أيقولون : إنه لمجنون ، (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) [سورة الكهف آية ٥] في اعتقادهم وفي الواقع.
ففي الواقع ونفس الأمر ما حملهم على الرجوع عن الحق ، والاستكبار الكاذب والسمر وهجر القول إلا ضلالهم وعدم تدبرهم للقرآن ، وقد حالت عصبيتهم الممقوتة وجهالاتهم الموروثة. وحقدهم الكامن دون النظر في القرآن بعين الاعتبار المتجردة من الهوى والهوس.
وما دفعهم إلى عمل السوء كذلك إلا اعتقادهم الفاسد أن محمدا كاذب ، وليس رسولا.
تبا لهم!! ألم يعرفوا محمدا صلىاللهعليهوسلم قبل هذا؟ وأكثر من هذا أن يقولوا : إنه مجنون (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) [سورة القلم آية ٢].
بل (إضراب عما مضى) بل جاءهم الرسول الصادق الأمين بالحق. وجاء لنصرة الحق ، وجاء رسولا من عند الحق ـ سبحانه وتعالى ـ ، ولكن أكثرهم للحق كارهون وللحق وحده مخاصمون ، وقليل منهم من ينصر الحق ، ويطيع دواعي الحق.
ولو اتبع الحق ـ تبارك وتعالى ـ أهواءهم الفاسدة ، ورغباتهم المادية الضالة لفسدت السموات والأرض ، ومن فيهن ، تنزه الله عن ذلك وتعالى علوا كبيرا.
بل أتينا هؤلاء العرب الذين أعرضوا عن القرآن ونأوا عنه ، أتيناهم بذكرهم وشرفهم وعلو مكانتهم بين الأمم بل وخلقهم من جديد ، أمة لها كيان ونظام (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) [سورة الزخرف آية ٤٤].
ومن العجيب أنهم عن ذكرهم وشرفهم والقرآن الذي نزل عليهم معرضون ، عجبا لهم!! وأى عجب؟!! بل أتسألهم رزقا وأجرا على هدايتهم ورفع شأنهم حتى يملوك ويبغضوك؟!! فخراج ربك ورزقه خير لك ولغيرك ، وهو صاحب الملك والسلطان ،