مكشرون ، وذلك جزاء الظالمين ، وهذا تقريع من الله وتوبيخ لهم على ما ارتكبوا من الكفر والإثم والعدوان حيث يقول الله لهم : (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ)؟!! وهذا استفهام تقرير وتوبيخ لهم ، والمعنى : قروا بهذا واعترفوا فهو أمر ظاهر لا ينكره عاقل.
قالوا : ربنا غلبت علينا شهواتنا. وقادتنا لذاتنا إلى الشقاء ودخول النار ، وكنا قوما ضالين غير فاهمين للأمور على وضعها الصحيح ثم عادوا فكرروا ما طلبوه أولا وقالوا : ربنا أخرجنا من هذا الموقف إلى الدنيا فإن عدنا إلى أفعالنا تلك فإنا ظالمون نستحق منك العقوبة الصارمة.
فيرد الله عليهم بمنتهى الغلظة والشدة قائلا : اخسئوا فيها ، وابعدوا في جهنم ، ولا تكلمون أبدا بعد هذا.
وكأن سائلا سأل وقال. لم هذا العذاب والرد الشديد؟ فأجيب بقوله : إنه كان فريق من عبادي يقولون في الدنيا : ربنا آمنا بك وصدقنا رسلك فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فما كان منكم أيها المكذبون الظالمون إلا أنكم اتخذتموهم سخريا تسخرون بهم ، وتضحكون عليهم ، وتسخرونهم وتعذبونهم.
اتخذتموهم سخريا إلى أن نسيتم ذكرى لشدة انشغالكم بالاستهزاء ، وكنتم منهم تضحكون ، إنى جزيتهم اليوم بما صبروا على فعل الطاعات ، وترك المحرمات ، والرضا بقضاء الله وقدره ، جزاهم ربهم بهذا جنة قطونها دانية ، إنهم هم الفائزون.
يقول الله لهم تبكيتا وتأنيبا بعد أن طلبوا الرجوع فردوا ، وقيل لهم : اخسئوا فيها ولا تكلمون : كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ وهذا سؤال عن مدة مكثهم في الدنيا.
قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم ، استقصروا مدة لبثهم لما هم فيه من العذاب فاسأل العادين المتمكنين ، فإننا في حالة تذهب العقول وتحير النفوس.
قال : ما لبثتم في الأرض إلا قليلا من الزمن بالنسبة إلى لبثكم في العذاب المقيم.
ألم تعلموا فحسبتم أنا خلقناكم عابثين لاعبين ليس لغرض صحيح؟ أفحسبتم أنكم إلينا لا ترجعون؟