وهذا تحذير من الشيطان ووسوسته بعد تحذيرنا من النفس الأمارة بالسوء التي تحب دائما إذاعة الفاحشة فإن المعاصي تقع دائما من قائد يأمر بالسوء وهو الشيطان ونفس مدفوعة إلى الشر بطبعها.
يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومسالكه فإنه يأمركم بالفحشاء والمنكر ويدعوكم دائما إلى كل ضار في دينكم ودنياكم (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً) [سورة البقرة آية ٢٦٨].
والشيطان يوسوس للنفوس الضعيفة ، ويزين لها الوقوع في المعاصي ، عن طريق التدرج خطوة فخطوة حتى يتم له ما أراد ، وإن خطوات الشيطان تكون فيما نحقر من أعمالنا «ولكنها تجرنا إلى المهالك».
فأعظم حادثة أو أكبر فاحشة لا تقع دفعة واحدة ، ولكن لها خطوات يضعها الشيطان حتى يتم له ما أراد. نظرة ... فكلام ... فموعد ... فلقاء .. فوقوع في المهالك ... وهكذا.
يحكى أن عابدا في صومعته كان بجواره رجلان لهما أخت ، فسافرا لأمر ، وتركا أختهما في حراسة العابد ، فكان كل يوم يضع لها الطعام أمام باب الصومعة لتأخذه فوسوس له الشيطان أن يضع الطعام على باب بيتها بحجة أنها لا تتجشم مشقة التعب والحضور إليه ، ثم انتقل إلى خطوة أخرى ، وهي أن يزيدها إكراما فيطلبها لتأخذ الطعام ، ثم انتقل إلى خطوة ثالثة ورأى من وسوسة الشيطان أن المرأة في طول مقامها منفردة تلقى مشقة وتعبا فقد يكون من الخير لها أن تجلس معه ليسرى عنها بالتحدث إليه فترة وجيزة ففعل ، وهنا ينطبق الحديث «ما اجتمع رجل بامرأة إلّا وكان الشّيطان ثالثهما» ، فلما اجتمعا وقعا في التهلكة ، لأن العابد مهما كان فهو رجل ، والمرأة مهما كانت فهي أنثى ، وفيها الغريزة الجنسية!
فأنت ترى أن الشيطان جاءهما من طريق مؤثر ، وهو في الظاهر خير ، فحقّا لا تتبعوا خطوات الشيطان ، إنه للإنسان عدو مبين.
أبعد هذا يتوانى المسلمون في فهم الحقائق البشرية ، وتطبيق قواعد الدين؟! ومن العجب أن ينادى بعض المسلمين بالاختلاط بين الجنسين ، ويجره الشيطان إلى هذا بحجة أن الاختلاط يمنع الوقوع في المعصية ، وما علم أن الطبيعة البشرية أقوى ، ولا يعدلها