المعنى :
البركة لله وحده ، والحمد له ، فقد تزايد خيره وتكاثرت نعمه (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) وقد تعالى وتزايد عن الكل ذاتا وصفة وفعلا ، فالحمد لله ـ تبارك وتعالى ـ ، وكيف لا ..؟ وهو الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، والقرآن هو الفرقان ، لأنه فرق بين الحق والباطل ، والحلال والحرام ، بل وفرق بين الحضارة التي تنعم الدنيا في ظلها ، وبين الهمجية والجاهلية التي كانت ترزح تحت أثقالها ، وانظر إلى وصف النبي الكريم بالعبودية حين يضفى القرآن عليه شيئا يرفعه ويجله لتوضع الأمور في نصبها ، وليظل المسلم على نور الحق والصراط المستقيم فلا يرفع المصطفى صلىاللهعليهوسلم عن موضع العبودية لله كما فعلت النصارى مع المسيح ، ألم تر إلى قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) إلى قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً* قَيِّماً) على أن في وصف النبي بالعبودية تكريم له وتشريف ؛ ونزل الله على عبده القرآن فارقا بين الحق والباطل ، ومفرقا في النزول ، فكان ينزل منجما تبعا للحوادث ، ليكون ذلك أدعى إلى حفظه والتثبت منه وفهمه (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً).
ليكون النبي أو القرآن للعالمين جميعا إنسه وجنه في كل زمان ومكان ، نذيرا وسراجا منيرا يهدى به الله من يشاء من عباده.
تبارك الحق الذي نزل الفرقان ، والذي له ملك السموات والأرض ، وقد وصف الله ـ سبحانه وتعالى ـ نفسه بأنه نزل القرآن ، وله ملك السموات والأرض ، ولم يتخذ ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك ، وخلق كل شيء فقدره تقديرا ، فهذه أوصاف تدل على العظمة واستحقاق العبادة والتقديس.
(أ) له ملك السموات والأرض ، وإذا كان كذلك فهل يعبد سواه؟
(ب) ولم يتخذ ولدا إذ هو المالك للكل ، والملكية تتنافى مع الولدية ، فهو غير محتاج للولد في شيء ، ولا يشبه أحدا من خلقه في شيء ، فهو المستحق وحده للعبادة ولا يصح أن يكون غيره معبودا ووارثا للملك عنه. وفي هذا رد على من ادعى أن له ولدا من النصارى.