(جـ) ولم يكن له شريك في الملك ، إذ له وحده الملك. وهو المنفرد وحده بالألوهية ، وهو صاحب الأمر ، وإذا عرف العبد ذلك انقطع رجاؤه وخوفه عن الكل ، ولا يبقى مشغولا إلا بالحق ـ تبارك وتعالى ـ ، وفي هذا رد على من زعم أن لله شريكا.
(د) وخلق كل شيء فقدره تقديرا ، نعم خلق كل شيء مراعيا فيه التقدير والإحكام والتسوية ، فقدره وهيأه لما خلق من أجله (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) [سورة طه آية ٥٠].
وإنك يا أخى إذا نظرت إلى هذا الكون وما فيه من عجائب لارتد إليك بصرك ، وهو كليل دون إدراك هذه الأسرار العجيبة ، ولعرفت أن هذا الكون محكم التقدير كامل التنظيم كالآلة كل جزء فيها يؤدى وظيفته على أتم ما يكون.
خذ مثلا الإنسان وما يقوم به من عمل تجده على وضع وشكل مقدر لهذه المهمة العالية والرسالة السامية المطلوبة منه. انظر إلى الجمل تجد له عنقا طويلا ، وإلى الحصان ورقبته القصيرة ، وإلى الحيوان الذي يعوم في الماء وقد خلق على تصميم وتقدير عجيب ليتمكن من السباحة ، ألم تر إلى رجل الفرخة ، وما فيها من أظافر تساعدها على نبش التراب باحثة عن رزقها؟ وإلى الإوزة والبطة ورجليهما ، وقد صنعت على شكل يساعدها على السباحة في الماء ... والشواهد على ذلك كثيرة ...
وقد ثبت بهذا أن ربك العليم الخبير خلق كل شيء فقدره تقديرا ، أفتعبدون سواه؟ وتتجهون لغيره؟!!
ومع هذا كله فقد اتخذ المشركون آلهة من دونه ، وآثروا على عبادة الله ـ سبحانه وتعالى ـ عبادة آلهة عاجزة عن كل عمل في الوجود ، لا يقدرون على شيء من أفعال الله ، بل ولا يقدرون على مثل ما يعمل الناس ، حيث لا يفعلون شيئا ، ولا يخلقونه ، والحال أنهم يخلقون ، وإنه لعجيب حقا أن تنحت بيدك وتصنع بنفسك شيئا ، لا يحس ولا يسمع ولا يتكلم ثم تعبده من دون الله!!! وهذه المعبودات لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا فما بال نفعها وضرها لغيرها؟ ، ولا يملكون موتا ولا حياة ، ولا نشورا لأحد من الناس! ومن كان كذلك أيليق أن يعبد من دون الله؟ الذي أنزل الفرقان ، وله ملك السموات والأرض ، وما كان له ولد ولا شريك ، وخلق كل شيء فقدره تقديرا!!