(يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ) إنه لا يخاف لدى المرسلون (إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) يا موسى اسلك يدك في جيب قميصك ، أى أدخلها فيه تخرج منه بيضاء ناصعة من غير سوء ولا برص ، (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) أى يدك المبسوطة كالجناح لتتقى بها الحية ، كأنك خائف فزع منها ، أى اضمم إليك يدك وأدخلها تحت عضدك بدل أن تتقى بها الحية ، ثم أخرجها بيضاء لئلا يرى أحد أنك خائف ، ولتظهر معجزة أخرى هي إخراج اليد بيضاء ، وقد كان موسى رجلا طوالا آدم ـ أسم ـ
وعلى هذا فيكون المعنى قد عبر عنه بعبارات (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ). (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ). (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) [سورة القصص آية ٣٢ ، النمل ١٢ ، طه ٢٢].
ويجوز أن يراد بقوله تعالى «واضمم إليك جناحك». التجلد وضبط النفس والثبات عند انقلاب العصاحية ، مستعار من فعل الطائر لأنه إن خاف نشر جناحيه وأرخاهما ، وعند الأمان يضم جناحيه.
فذانك أى العصا التي قلبت حية ، واليد التي خرجت بيضاء من غير سوء ، برهانان من ربك ، وحجتان قويتان إليك وإلى فرعون وملئه. إنهم كانوا قوما فاسقين وخارجين عن حدود الشرع والعقل.
فهم موسى أنه مكلف بالرسالة إلى فرعون وملئه ليخرج بنى إسرائيل من عذابهم وأحس بثقل التبعة الملقاة على عاتقه فقال. رب إنى قتلت منهم نفسا ، فأخاف أن يقتلون ، وأخى هارون هو أفصح منى لسانا وأقوى بيانا ، وأدرى منى بلهجة المصريين لأنه لم يترك بلادهم ، فأرسله معى معينا ، واجعله وزيرا ألتجئ إليه ، ويحمل معى عبء هذه الرسالة إنى أخاف أن يكذبوني.
قال الله له : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) ، ونقويك به ، ونجعل لكما سلطانا وحجة قوية تدل على صدقكما ، وأنكما رسولا رب العالمين (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي) والله معكما ناصركما ، وعاصمكما من الناس فلا يصلون إليكما بسوء أبدا ، بل أنتما ومن اتبعكما الغالبون ، لأنكم حزب الله ، ألا إن حزب الله هم المفلحون.