المفردات :
(الر) تقرأ ألف. لام. را ، وفيها ما ذكرناه في أول سورة البقرة من اختلاف العلماء وانتهينا إلى أنها سر من أسراره تعالى ، هو أعلم به ، وفي القرآن الكريم محكم ظاهر المعنى ومتشابه الله أعلم به ، والرأى الثاني : أنها للتحدى والإلزام ، أو هي أداة استفتاح وتنبيه لما سيلقى بعدها. والملاحظ أن هذه السور المفتتحة بتلك الحروف مكية إلا سورتي البقرة وآل عمران ، وأنها تعالج إثبات التوحيد والبعث والكلام على القرآن الكريم وإعجازه إلخ. ما كان يخاطب به النبي صلىاللهعليهوسلم مشركي مكة ، ويلاحظ أن فيها غالبا قصص الأنبياء الذين كانوا يسمعون عنهم ، ولا يعرفون من أخبارهم شيئا ، وهذه الحروف تارة تكون آية مستقلة ، أو تكون جزء آية وصدق الله (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) [سورة الإسراء آية ٨٥].
المعنى :
هذا كتاب عظيم الشأن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، كتاب أحكمت آياته بوضوح المعنى ، وبلاغة الدلالة وقوة التأثير ، فهي كالبناء المحكم والحصن المنيع لا ريب فيها ولا شك. ثم فصلت ، ورتبت ، ونظمت ، وسويت ، في سور مترابطة ، وآيات متناسبة فكل سورة منه آية بديعة ، وقطعة فنية عالية في سماء البيان والبلاغة ، فصلت كما تفصل القلائد بالفوائد ، ففي السورة عقائد وأحكام ، وقصص ومواعظ وأدب واجتماع ، وعلوم ومعارف ، وغير ذلك.
أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم كامل الحكمة ، وخبير عليم ، هو الذي فصلها ، وفي ذكر (ثم) إشارة إلى أن مرتبة التفصيل أعلى وأسمى من مرتبة الأحكام فقد جمع القرآن بين أطراف الكمال والجلال.
فصل هذا الإحكام ، والتفصيل للقرآن وآياته لئلا تعبدوا إلا الله وحده ولا تشركوا به شيئا ، وهذا هو الأساس الأول ، والمقصود المهم لكل نبي ورسول كما ستراه في القصص الآتية.
وقيل أمر رسول الله أن يقول للناس : أمركم ربكم ألا تعبدوا إلا الله ، إننى لكم