جماعة تكون لهم خلطة ومعاشرة معه مدة مديدة فلا تصدق على من ليس له حظ إلا الرؤية عن بعيد أو سماع الكلام أو المكالمة أو المحادثة فترة يسيرة أو الإقامة معه زمناً قليلاً .
وأظن أن في هذا التبسيط والتوسع غاية سياسية لما سيوافيك أن النبي قد تنبأ بارتداد ثلة من أصحابه بعد رحلته فأرادوا بهذا التبسيط ، صرف هذه النصوص إلى الأعراب وأهل البوادي ، الذين لم يكن لهم حظ من الصحبة إلا لقاء قصير وسيأتي أن هذه النصوص راجعة إلى الملتفين حوله الذين كانوا مع النبي ليلاً ونهاراً ، صباحاً ومساءً إلى حد كان النبي يعرفهم بأعيانهم وأشخاصهم وأسمائهم فكيف يصح صرفها إلى أهل البوادي والصحاري من الأعراب فتربص حتى تأتيك النصوص .
وعلى كل تقدير فلسنا في هذا البحث بصدد تعريف الصحابة وتحقيق الحق بين هذه التعاريف غير أنا نركز الكلام على أن أهل السنة يقولون بعدالة هذا الجم الغفير المدعوين باسم الصحابة وإليك كلماتهم :
قال ابن عبد البر : نثبت عدالة جميعهم (١) .
وقال ابن الأثير : « ان السنن التي عليها مدار تفصيل الأحكام ومعرفة الحلال والحرام إلى غير ذلك من أمور الدين ، إنما تثبت بعد معرفة رجال أسانيدها ورواتها . وأولهم والمقدم عليهم أصحاب رسول الله فإذا جهلهم الإنسان كان بغيرهم أشد جهلاً وأعظم إنكاراً ، فينبغي أن يعرفوا بأنسابهم وأحوالهم ، هم وغيرهم من الرواة حتى يصح العمل بما رواه الثقاة منهم وتقوم به الحجة ، فإن المجهول لا تصح روايته ولا ينبغي العمل بما رواه . والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلا في الجرح والتعديل فإنهم كلهم عدول لا يتطرق إليهم الجرح لأن الله عز وجل ورسوله زكياهم وعدلاهم وذلك مشهور
____________________
(١) الاستيعاب في أسماء الأصحاب : ج ١ ص ٢ في هامش « الإصابة » .