ولو توفي الرجل عن أولاد صغار بلا وصي ولا تعيين قيم لصغاره فعلى الحاكم الإسلامي تعيين القيم عليهم لئلا تضيع أموالهم ، وعندئذ يسأل فهل الاعتقاد بالأصل الكلي من صميم الدين ؟ وأنه يجب على المسلم أن يعتقد بأن من مات عن أولاد صغار يجب على الحاكم نصب من يلي أمورهم ؟ وعلى فرض كونه بصورته الكلية من صميمه ، فهل الاعتقاد بأن زيداً ولي الصغار عند نصب الحاكم له ، من صميم الدين ، أو أن المطلوب في الفروع هو العمل عند الابتلاء . وأما الاعتقاد التفصيلي بالكبريات والصغريات فغير لازم ؟
لم يكن في عصور الخلفاء الثلاث أي أثر من هذه العقيدة ولم يكن يخطر ببال أحد من المهاجرين والأنصار أنه يجب الاعتقاد بخلافة هذا أو ذاك أو ذلك ، وأن من لم يكن معتقداً بخلافتهم يخرج عن صفوف المؤمنين ويلتحق بالمبدعين . وإنما أوجدت تلك الفكرة يد السياسة بهدف الإزراء بعلي ـ عليه السلام ـ ، وتصحيح خروج معاوية عليه لأخذ ثأر الخليفة . ولعلّ عمرو بن العاص هو أوّل من بذر تلك الفكرة .
ويدل على ذلك ما ذكره المسعودي في كتابه : قال : اجتمع عمرو بن العاص مع أبي موسى الأشعري في دومة الجندل ، فجرى بينهما مناظرات وقد أحضر « عمرو » غلامه لكتابة ما يتفقان عليه ، فقال عمرو بن العاص ـ بعد الشهادة بتوحيده سبحانه ونبوة نبيه ( صلی الله عليه وآله وسلم ) : ونشهد أن أبا بكر خليفة رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) عمل بكتاب الله وسنة رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) حتى قبضه الله إليه ، وقد أدى الحق الذي عليه .
قال
أبو موسى : اكتب ثم قال في عمر مثل ذلك ، فقال أبو موسى : اكتب ثم قال عمرو : واكتب : وأن عثمان ولي هذا الأمر بعد عمر على إجماع من المسلمين وشورى من أصحاب رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ورضاً منهم ، وأنه كان مؤمناً ، فقال أبو موسى الأشعري : ليس هذا مما قعدنا له ، قال عمرو : والله لا بد من أن يكون مؤمناً أو كافراً فقال أبو موسى : كان مؤمناً ،