لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) (١) فهذا صنيعه بأهل طاعته ، وما قدمناه صنيعه بأهل معاصيه عاجلاً ، فإذا هم اتبعوا أهواءهم ، عاقبهم بما يستحقون .
وقال في الرسالة : ولا يصح الجبر إلا بمعونة الله ولذلك قال لمحمد ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ( وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) (٢) وقال يوسف ( عليه السلام ) : ( وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ) (٣) فقد بين وأمر ونهى ، وجعل للعبد السبيل على عبادته ، وأعانه بكل وجه ولو كان عمل العبد يقع قسراً لم يصح ذلك .
هذا نص الرسالة نقلناها برمتها عن « فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة » للقاضي عبد الجبار ص ٢١٦ ـ ٢٢٣ .
قال المعلق على كتاب القاضي : رسالة الحسن إلى عبد الملك بن مروان مطبوعة في مجلة « دار الإسلام » طبعها رويتر عدد ٢١ سنة ١٩٣٣ م ـ وأضاف ـ منها نسخة من مكتبة أيا صوفيا استانبول برقم ٣٩٩٨ .
وهذه الرسالة تعترف بعلمه السابق ولكن تنكر كونه موجباً للجبر بمحكم آياته .
ومن لطيف كلامه في الرسالة قوله : « والعلم ليس بدافع إلى معاصيه ، لأن العلم غير العمل » .
إن عامة المسلمين في صدر الإسلام كانوا يؤمنون بالقدر خيره وشره من الله تعالى وأن الإنسان في هذه الدنيا مسير لا مخير وأن القلم قد جف على علم الله وقد قال أحد رجاز ذلك الزمان معبراً عن تلك العقيدة :
____________________
(١) سورة الأعراف : الآية ١٦٦ .
(٢) سورة الإسراء : الآية ٧٤ .
(٣) سورة يوسف : الآية ٣٣ .