والعدم ، وحقيقة الجسم والأكوان والألوان ، والجزء الذي لا يتجزأ ، والطفرة ، الذي أوجد فرقاً كلامية ، فلا يوجب دخول النار ، وإن كان الحق واحداً ، ولا يصح عد المعتقدين بها من الفرق المنصوص عليها في كلام النبي (ص) .
وبعبارة واضحة : إن الفرق المذمومة في الإسلام هي أصحاب الأهواء الضالة الذين خالفوا الفرقة الناجية ، في مواضع تعد من صميم الدين كالتوحيد بأقسامه والعدل والقضاء والقدر ، والتجسيم والتنزيه ، والجبر والاختيار ، والهداية والضلالة ورؤية الله سبحانه وإدراك البشر له تعالى ، والإمامة والخلافة ، ونظائرها .
وأما الاختلاف في سائر المسائل التي لا تمت إلى الدين بصلة ولا تمثل العقيدة الإسلامية فلا يكون المخالف والموافق فيها داخلاً في الحديث ، والحال أن كثيراً من الفرق الإسلامية يرجع اختلافهم إلى أمور عقلية أو كونية ، مما لا يرتبط بالدين أو ما لا يسأل عنه الإنسان في حياته وبعدها ولا يجب الاعتقاد به .
إن هناك محاولات لتصحيح مفاد الحديث من حيث العدد المذكور فيه ، نشير إليها فيما يلي :
١ ـ هذا العدد الهائل كناية عن المبالغة في الكثرة ، كما في قوله سبحانه وتعالى ( إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) (١) .
يلاحظ عليه : أنّ هذه المحاولة فاشلة لأنها إنما تصح إذا ورد الحديث بصورة السبعين أو غيرها من العقود العددية ، فإن هذا هو المتعارف في مقام الكناية ولكن الوارد في الحديث هو غير ذلك .
____________________
(١) سورة التوبة : الآية ٨٠ .