ذلك بعض ما ورد في الصحاح حول التجسيم والتشبيه وإنّا نجل النبي الأكرم ( صلی الله عليه وآله وسلم ) وصحابته الأخيار عن أن ينبسوا بشيء منها ببنت شفة ، وإنّما هي أساطير وأوهام أخذها الضعاف من الرواة عن الأحبار والرهبان من دون اكتراث ولا مبالاة .
وأما أحاديث الجبر ونفي الاختيار وأن الإنسان في الحياة كالريشة في مهب الرياح فحدث عنها ولا حرج . فالصحاح تزخر بها في باب الإيمان بالقدر ، وسيوافيك بعضها عند البحث عنه ، ولو صحت هذه الأحاديث لما بقي لبعث الأنبياء وتكليف العباد بالواجبات والمحرمات وغيرها معنى معقول .
ونذكر هنا ما لا نذكره هناك :
١ ـ روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : « خرج علينا رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) وفي يده كتابان فقال : أتدرون ما هذان الكتابان ؟ قلنا : لا يا رسول الله إلّا أن تخبرنا . فقال للذي بيده اليمنى : هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً ، وقال للذي في شماله : هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً . قال أصحابه : ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه ؟ فقال : سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة ، وإن عمل أي عمل ، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار ، وإن عمل أي عمل ، ثم قال رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) بيده فنبذهما ثم قال : فرغ ربكم من عمل العباد ، فريق في الجنة وفريق في السعير » (١) .
____________________
(١) جامع الأصول : ج ١٠ ص ٥١٣ ، رقم الحديث ٧٥٥٥ .