يتحرز عن كلتا الطائفتين ، فليس هنا وجه ثالث يلتجیء إليه أهل الحديث والحنابلة والأشاعرة .
فظهر أن قولهم بأن لله يداً كالأيدي ، لا مفاد صحيح له .
وبعبارة ثالثة : إن لفظة اليد إما مشترك معنوي يطلق على جميع مصاديقه وأفراده من الواجب والممكن بوضع ومعنى واحد . أو مشترك لفظي يجري على كل من الواجب والممكن بمعنى ووضع خاص .
فعلى الأول يجب أن يكون بين يد الإنسان ويد الواجب وجه مشترك وهو عين القول بالتشبيه .
وعلى الثاني يجب أن يكون المعنى الذي يجري على الإنسان مبائناً لما يجري على الله سبحانه فهل هو البخل والجود ؟ فهذا هو التأويل بزعمكم ، أو غيرهما فبينوه لنا ما هو ؟ .
ربما يتصور القاریء أن أمثال كتاب « السنة » لابن حنبل وكتاب « التوحيد » لابن خزيمة ، تشتمل على أحاديث التشبيه والتجسيم ، وأما الصحاح فهي خالية عن هذه الأساطير . ولكنه إذا سبرها سرعان ما يرجع عن هذه الفكرة ويرى أن الصحاح كلها وعلى رأسها الصحيحان قد زخرت بها ، حتى مع غض النظر عن رؤية الله بهذه العيون المادية على ما رووا عن رسول الله من أنه قال : « إنكم ترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر » فالصحاح أيضاً تزخر بأحاديث التشبيه والتجسيم والجبر وما أشبه ذلك التي ورثها الرواة المسلمون من اليهود المجسمة والمجبرة . . . وإليك نماذج من ذلك :
١ ـ إن لله مكاناً
قد
احتل تحيز الله سبحانه بمكان معين في الصحاح مكانة عظيمة فتارة ترى أن مكانه حيال المصلي وأمام وجهه . وأخرى بأنه فوق العرش وهو يئط