والكلمة هذه محاولة من الحبر اليهودي ، لتوجيه عمل عمر ، عندما أمر الجلاد بترك المجلود .
وهذه الأمور صارت سبباً لجلب عطف الخليفة ، ففسح له التحدث في عاصمة الوحي ، وأوساط المسلمين .
ومن الخطب الفادح ، أنه صار بأفانين مكره ، موضع ثقة لعثمان ومفتياً له في الأحكام ، يصدر الخليفة عن فتياه ، ويعمل بقوله . وإليك ما يلي :
أ . ذكر المسعودي أنه حضر أبو ذر ، مجلس عثمان ذات يوم فقال عثمان : أرأيت من زكى ماله هل فيه حق لغيره ؟ فقال كعب : لا يا أمير المؤمنين ، فدفع أبو ذر في صدر كعب ثم قال له : كذبت يا ابن اليهودي ، ثم تلا : ( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) (١) .
فقال عثمان : أترون بأساً أن نأخذ مالاً من بيت مال المسلمين فننفقه في ما ينوبنا من أمورنا ونعطيكموه ؟ فقال كعب : لا بأس بذلك ، فرفع أبو ذر العصا فدفع بها في صدر كعب وقال : يا بن اليهودي ما أجرأك على القول في ديننا ، فقال له عثمان : ما أكثر أذاك لي غيب وجهك عني فقد آذيتني (٢) .
ب . ونقل أيضاً : أتى عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال ، فَنُضِدَ البدر ، حتى حالت بين عثمان وبين الرجل القائل ، فقال عثمان : إني لأرجو لعبد الرحمن خيراً ، لأنه كان يتصدق ، ويقري الضيف ، وترك ما ترون ، فقال كعب الأحبار : صدقت يا أمير المؤمنين ، فشال أبو ذر العصا ، فضرب بها رأس كعب ، ولم يشغله ما كان فيه من الألم ، وقال : يا بن اليهودي
____________________
(١) سورة البقرة : الآية ١٧٧ .
(٢) مروج الذهب : ج ٢ ص ٣٣٩ ـ ٣٤٠ .