الرافضة وخلاف قول الراوندية الذين أثبتوا إمامة العباس وحده (١) .
أقول : هذه هي عقيدة هؤلاء الأعلام وغيرهم ممن كتب في موضوع الإمامة عن أهل السنة ، ولرفع الستار عن وجه الحقيقة ، نبحث في نواح خاصة لها صلة وثيقة بالموضوع وهذه النواحي عبارة عن :
١ ـ هل الإمامة والخلافة من أصول الدين أو من فروعه ؟ .
٢ ـ هل هناك نص في القرآن أو السنة في مسألة الإمامة أو لا ؟ .
٣ ـ مبدأ ظهور هذه العقيدة ؟ .
٤ ـ هل هناك نص على أفضلية بعضهم على بعض وفق تسلسل زمانهم ؟ .
فإذا تبين الحال في هذه المواضع يتبين الحال في المسألة التي بيناها آنفاً .
الشيعة الإمامية على بكرة أبيهم اتفقوا على كون الإمامة أصلاً من أصول الدين وقد برهنوا على ذلك في كتبهم ، ولأجل ذلك يعد الاعتقاد بإمامة الأئمة من لوازم الإيمان الصحيح عندهم ، وأما أهل السنة فقد صرحوا في كتبهم الكلامية أنها ليست من الأصول ، وإليك بعض نصوصهم :
١ ـ قال الغزالي ( المتوفى عام ٥٠٥ ) : اعلم أن النظر في الإمامة أيضاً ليس من المهمات ، وليس أيضاً من فن المعقولات بل من الفقهيات ، ثم إنّها مثار للتعصبات والمعرض عن الخوض فيها أسلم من الخائض فيها ، وإن أصاب فكيف إذا أخطأ ولكن إذ جرى الرسم باختتام المعتقدات بها ، أردنا أن نسلك المنهج المعتاد فإن فطام القلوب عن المنهج المخالف للمألوف ، شديد النفار . ولكنا نوجز القول فيه (٢) .
____________________
(١) « الفرق بين الفرق » ص ٣٥٠ .
(٢) الاقتصاد في الاعتقاد : ص ٢٣٤ ، وفي العبارة صعوبة والظاهر زيادة كلمة « المخالف » وصحيحها « المنهج المألوف » .