المنع عن كتابة الحديث وتدوينه بل التحدث عنه
إن هنا عاملاً ثالثاً لتكون الفرق ونشوء الفوضى في العقائد والأصول ، وهو المنع عن كتابة الحديث وتدوينه بل التحدث عنه بعد رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) إلى عهد المنصور العباسي . توضيحه :
الحديث عبارة عما ينسب إلى النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) من قول أو فعل أو تقرير نازل منزلة التفسير لمعاني الكتاب الحكيم ، مبين لمجمله ، شارح لمعانيه كما يعرب عنه قوله سبحانه : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) (١) .
أي لا لتقرأ فقط بل تبين وتشرح ما نزل ، بقولك وفعلك وتقريرك .
إذا كانت السنة هي في الدرجة الثانية من الدين بعد القرآن الكريم في الحجية والاعتبار ، حتى إنك لا تجد فيها شيئاً إلا وفي القرآن أصوله وجذوره ، ولا إسهاباً إلا وفيه مجمله وعناوينه .
وإذا كان الرسول ( صلی الله عليه وآله وسلم ) لا يصدر في قوله وكلامه إلا بإيحاء من الله سبحانه كما يصرح بذلك قوله سبحانه : ( مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (٢) .
____________________
(١) سورة النحل : الآية ٤٤ .
(٢) سورة النجم : الآيات ٢ ـ ٤ .