كل غث وسمين باسم الدين وباسم الرسول ، كما سيوافيك بيانه ، وما قيمة العقائد التي دونت على أساس تلك الأحاديث ؟ .
نحن لا ننكر أن العلماء والمحدثين قاموا بوظيفتهم وواجبهم الديني تجاه السنة النبوية ، وكابدوا وتحملوا المشاق في استخراج الصحيح من السقيم ، لكن العثور على الصحيح بعد هذه الحيلولة الطويلة ، من أشق المشاكل وأصعب الأمور .
وبسبب هذه الحيلولة كلما بعد الناس عن عصر الرسول ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ازداد عدد الأحاديث ، حتى أخرج محمد بن إسماعيل البخاري صحيحه عن ستمائة ألف ( ٦٠٠٠٠٠ ) ولأجل ذلك نرى أن هرم الأحاديث يتصل بزمن النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) وقاعدة ذلك الهرم تنتهي إلى القرون المتأخرة ، فكلما قربنا من زمن النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) نجد الحديث قليلاً ، والعكس بالعكس . وهذا يدل على أن الأحاديث عالت حسب وضع الوضاعين وكذب الكذابين .
١ ـ هناك كلمة للدكتور محمد حسين هيكل أماط الستر عن وجه الأحاديث المنسوبة إلى النبي الأكرم وقال :
«
وسبب آخر يوجب تمحيص ما ورد في كتب السلف ، ونقده نقداً دقيقاً على الطريقة العلمية ، أن أقدمها ، كتب بعد وفاة النبي ( صلی الله عليه وآله
وسلم ) بمائة سنة أو أكثر ، وبعد أن فشت في الدولة الإسلامية دعايات سياسية وغير سياسية . كان اختلاق الروايات والأحاديث بعض وسائلها إلى الذيوع والغلب ، فما بالك بالمتأخر مما كتب في أشد أزمان التقلقل والاضطراب ؟ وقد كانت المنازعات السياسية سبباً فيما لقيه الذين جمعوا الحديث ونفوا زيفه ودونوا ما اعتقدوه صحيحاً منه ، من جهد وعنت أدى إليهما حرص هؤلاء الجامعين على الدقة في التمحيص حرصاً لا يتطرق إليه ريب . ويكفي أن يذكر الإنسان ما كابده البخاري من مشاق وأسفار في مختلف أقطار الدولة الإسلامية لجمع